2014-04-12 14:23:13

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


لَمَّا سَمِعَ الجَمْعُ الكَثِير، الَّذي أَتَى إِلى العِيد، أَنَّ يَسُوعَ آتٍ إِلى أُورَشَليم، حَمَلُوا سَعَفَ النَّخْلِ، وخَرَجُوا إِلى مُلاقَاتِهِ وهُمْ يَصْرُخُون: "هُوشَعْنَا! مُبَارَكٌ الآتِي بِٱسْمِ الرَّبّ، مَلِكُ إِسرائِيل." ووَجَدَ يَسُوعُ جَحْشًا فَرَكِبَ عَلَيْه، كَمَا هُوَ مَكْتُوب: "لا تَخَافِي، يَا ٱبْنَةَ صِهْيُون، هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي رَاكِبًا عَلى جَحْشٍ ٱبْنِ أَتَان." ومَا فَهِمَ تَلامِيذُهُ ذلِكَ، أَوَّلَ الأَمْر، ولكِنَّهُم تَذَكَّرُوا، حِينَ مُجِّدَ يَسُوع، أَنَّ ذلِكَ كُتِبَ عَنْهُ، وأَنَّهُم صَنَعُوهُ لَهُ. والجَمْعُ الَّذي كَانَ مَعَ يَسُوع، حِينَ دَعَا لَعَازَرَ مِنَ القَبْرِ وأَقَامَهُ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَات، كَانَ يَشْهَدُ لَهُ. مِنْ أَجْلِ هذَا أَيْضًا لاقَاهُ الجَمْع، لأَنَّهُم سَمِعُوا أَنَّهُ صَنَعَ تِلْكَ الآيَة. فَقَالَ الفَرِّيسِيُّونَ بَعْضُهُم لِبَعْض: "أُنْظُرُوا: إِنَّكُم لا تَنْفَعُونَ شَيْئًا! هَا هُوَ العَالَمُ قَدْ ذَهَبَ ورَاءَه!". وكَانَ بَينَ الصَّاعِدِينَ لِيَسْجُدُوا في العِيد، بَعْضُ اليُونَانِيِّين. فَدَنَا هؤُلاءِ مِنْ فِيلِبُّسَ الَّذي مِنْ بَيْتَ صَيْدَا الجَلِيل، وسَأَلُوهُ قَائِلين: "يَا سَيِّد، نُرِيدُ أَنْ نَرَى يَسُوع." فَجَاءَ فِيلِبُّسُ وقَالَ لأَنْدرَاوُس، وجَاءَ أَنْدرَاوُسُ وفِيلِبُّسُ وقَالا لِيَسُوع.

 

للتـأمل

"لا تَخَافِي، يَا ٱبْنَةَ صِهْيُون، هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي رَاكِبًا عَلى جَحْشٍ ٱبْنِ أَتَان." ملك مسيحانيٌّ متواضع يدخل أورشليم الجديدة، يدخل قلوبنا ليحوّلها من قلوب حجر إلى قلوب لحم ودم تنبض بالحب والرحمة والسلام. فلنستقبله مع الأطفال قائلين: "هُوشَعْنَا! مُبَارَكٌ الآتِي بِٱسْمِ الرَّبّ، مَلِكُ إِسرائِيل." مبارك ملكنا ومخلّصنا، إلهنا وفادينا. لندعه يملك على قلوبنا فنعبر معه في هذا الأسبوع درب الصليب، طريق الملوكيّة التي عبرها بتواضع لنبلغ معه مجد القيامة ونهتف مع الظافرين قائلين: "المسيح قام حقًا قام".

وصل يسوع إلى أورشليم وأرادوا أن ينادوا به ملكًا، لذلك خرجوا لاستقباله حاملين سعف النخل وأغصان الزيتون. فالأغصان الخضراء وأغصان النخل بشكل خاص تُعتبر علامة للنصر والغلبة والحياة الجديدة. دخل يسوع المدينة راكبًا جحشًا ابن آتان، وديعًا متواضعًا واستقبلته الجموع بفرح كبير، استقبال ملك ومخلّص يحرّرهم من صعوباتهم. دخل ملكًا، إنما ملوكيّته هي وموت وقيامة ليفتدينا ويخلقنا لحياة جديدة. ملوكيّته هي ملوكيّة حب بذل من خلالها ذاته لأجلنا. ملوكيته هي سلام ينتزع من خلالها كلّ خوف وتهديد من القلوب: "لا تَخَافِي، يَا ٱبْنَةَ صِهْيُون". دخل أورشليم وهيكلها وطرد الباعة وقلب موائد الصيارفة قائلاً: "بيتي بيت صلاة يُدعى وأنتم جعلتموه مغارة للصوص"، طهّره ليجعل منه مكان التلاقي بين الله والإنسان. ملوكيّته هي ملوكية رحمة وشفاء لذلك دخل هيكلنا البشري، دخل قلوبنا وشفاها من عاهات الخطيئة وشفى أجسادنا من الأمراض.

اليوم هو عيد الشعانين، عيد الأطفال والشبيبة الذين بعفويّة إيمانهم ومحبة قلوبهم يستقبلون المسيح الملك في حياتهم، فيملؤها ويصبحون أدوات التجدد في الكنيسة والمجتمع. فلنجدد إيماننا ولنستقبل ملكنا ونحتفل معه لا بفصح العهد القديم، بل بفصحه هو الذي فيه قدم ذاته ذبيحة خلاصية من أجل خلاص العالم. لقد تواضع آخذا صورة العبد وصار طائعًا حتى الموت، موت الصليب، لذا رفعه الله جدا وأعطاه الاسم الذي يفوق كل الأسماء. ففي النهاية، تسجد ليسوع كل ركبة في السماء والأرض ويعترف كل لسان أن يسوع رب لمجد الله الآب.

مجيء أول في الألم انتهى بمجيء ثان في المجد. مسيرة أولى نحو الموت تنتهي في مسيرة ثانية نحو القيامة. موكب أول من الجموع، مع التلاميذ الذين أُمروا أن يسكتوا، ولكن لو سكت هؤلاء لهتفت الحجارة. أما الموكب الثاني فيكون ظافرًا بعد أن يُخلع أصحاب الرئاسة والسلطة وتهتف أفواه الأطفال: "أيها الرب إلهنا ما أعظم اسمك في كل الأرض" أدخل ملكًا على قلوبنا. أدخل إلى عائلاتنا ومجتمعنا وأوطاننا، لنوطّد معك الحقيقة والمحبة والحريّة والعدالة، فيحل السلام الحقيقي. سرّ بنا في أسبوع آلامك وموتك لنتقدّس بها ونقدّس أوجاعنا وأمراضنا، فنرفع لك المجد والتسبيح إلى الأبد.








All the contents on this site are copyrighted ©.