2014-07-19 13:14:59

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلك الزمان: ضرَبَ يسوع للجموعِ مَثَلاً آخَرَ قال: "مَثَلُ مَلَكوتِ السَّمَواتِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ زَرَعَ زَرْعًا طَيِّبًا في حَقلِه. وبَينما النَّاسُ نائمون، جاءَ عَدوُّهُ فزَرعَ بَعدَه بينَ القَمحِ زُؤانًا وانْصَرَف. فلَمَّا نَمى النَّبْتُ و أَخرَجَ سُنبُلَه، ظَهَرَ معَه الزُّؤان. فجاءَ رَبَّ البيتِ عبيده وقالوا له: "يا ربّ، ألَم تَزرَعْ زَرْعًا طَيِّبًا في حَقلِكَ؟ فمِن أَينَ جاءَهُ الزُّؤان؟" فقالَ لَهم: "أَحَدُ الأَعداءِ فَعَلَ ذلك"  فقالَ له العبيد: "أَفَتُريدُ أَن نَذهَبَ فنَجمَعَه؟" فقال: "لا، مَخافةَ أَن تَقلَعوا القَمْحَ وأَنتُم تَجمَعونَ الزُّؤان، فَدَعوهما يَنبُتانِ معًا إِلى يَومِ الحَصاد، حتَّى إِذا أَتى وَقْتُ الحَصاد، أَقولُ لِلحَصَّادين: اِجمَعوا الزُّؤانَ أَوَّلاً واربِطوه حُزَمًا لِيُحرَق، وأَمَّا القَمْح فَاجمَعوه وَأتوا بِه إِلى أَهرائي". وضربَ لَهم مَثَلاً آخَرَ قال: "مَثَلُ مَلكوتِ السَّمَوات كَمَثَلِ حَبَّةِ خَردَل أَخذَها رَجُلٌ فَزرعَها في حَقلِه. هيَ أَصغَرُ البُزورِ كُلِّها، فإِذا نَمَت كانَت أَكبَرَ البُقول، بل صارَت شَجَرَةً حتَّى إِنَّ طُيورَ السَّماءِ تَأتي فتُعَشِّشُ في أَغصانِها". وأَورَدَ لَهم مَثَلاً آخَرَ قال: "مثَلُ مَلَكوتِ السَّموات كَمَثلِ خَميرةٍ أَخَذَتها امرأَةٌ، فجَعَلتها في ثَلاثةِ مَكاييلَ مِنَ الدَّقيق حتَّى اختَمرَت كُلُّها". هذا كُلُّه قالَه يسوعُ لِلجُموعِ بِالأَمثال، ولَم يقُلْ لَهُم شَيئًا مِن دونِ مَثَل، لِيَتِمَّ ما قيلَ على لِسانِ النَّبِيّ: "أَتَكَلَّمُ بِالأَمثال وأُعلِنُ ما كانَ خَفِيًّا مُنذُ إِنشاءِ العالَم". ثُمَّ تَركَ الجُموعَ ورَجَعَ إِلى البَيت. فدَنا مِنه تَلاميذُه وقالوا له: "فَسِّرْ لَنا مثَلَ زُؤانِ الحَقْل". فأَجابَهم: "الَّذي يَزرَعُ الزَّرْعَ الطَّيِّبَ هو ابنُ الإِنسان، والحَقْلُ هو العالَم، والزَّرْعُ الطَّيِّبُ بَنُو المَلَكوت، والزُّؤانُ بَنُو الشِّرِّير، والعَدُوُّ الَّذي زَرَعَه هو إِبليس، والحَصادُ هوُ نِهايَةُ العالَم، والحَصَّادونَ هُمُ المَلائِكة. فكما أَنَّ الزُّؤانَ يُجمَعُ ويُحرَقُ في النَّار، فكذلك يكونُ عِندَ نِهايَةِ العالَم: يُرسِلُ ابنُ الإِنسانِ مَلائكتَه، فَيَجْمَعونَ مُسَبِّبي العَثَراتِ والفاسقين كافَّةً، فيُخرِجونَهم مِن مَلَكوتِه، ويَقذِفونَ بِهم في أَتُّونِ النَّار، فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأَسنان. والصِّدِّيقونَ يُشِعُّونَ حِينَئذٍ كالشَّمْسِ في مَلَكوتِ أَبيهِم. فمَن كانَ له أُذُنان فَلْيَسْمَعْ! (متى 13، 24- 43).

للتـأمل

يتكلم يسوع عن ملكوت الله بأمثال تظهر أن الله هو الذي يعمل من خلال عمل يسوع الوضيع، وان ما يبدو الآن صغيراً سوف ينمو ويكبر بقوة عمل الله: وهكذا "يشبه ملكوت الله حبّة خردل أخذها انسان وزرعها في حقله: إنها أصغر البذور جميعاً؛ بيد أنهما إذا نمت تصير أكبر البقول جميعاً؛ ثم تصبح شجرة حتى إن طيور السماء تأتي وتعشّش في أغصانها". وكذلك يشبه ملكوت الله "خميرة أخذتها امرأة وخبّأتها في ثلاثة أكيال من الدقيق، حتى اختمر الجميع" (متى 13: 31- 33). هناك تناقض بين صغر البذرة وكبر الشجرة وبين اليسير من الخميرة والكمية الكبيرة من الدقيق. هكذا ملكوت السماوات يبدأ صغيراً ومختبئاً، ولكنه يكبر كما تكبر حبّة الخردل ويمتدّ امتداد الخميرة في العجين، وينمو نموّ الزرع فيثمر ثلاثين وستين ومئة. ولا أحد يستطيع أن يمنع ملكوت الله من النمو، فكما أن القمح لا يزال ينمو حتى في وسط الزؤان، هكذا ملكوت الله ينمو في وسط الشر.

وما شأن يسوع في هذا كله؟ "إن الذي يزرع الزرع الجيّد هو ابن البشر" (متى 13: 37). وقوّة الله هي التي تنمي الزرع بشكل خفيّ ولكن في الوقت ذاته بشكل ثابت ومستمرّ: "مَثَل ملكوت الله كمَثَل إنسان ألقى الزرع في الأرض. فسواء أنام أم استيقظ، في الليل وفي الأنهار، فالزرع ينبت وينمو، ولا يدري كيف. فالأرض من ذاتها تثمر: تخرج السّاق أولاً، ثم السنبلة، ثم الحنطة ملء السنبلة، فإذا أدرك الثمرُ أعمل فيه المنجلَ، في الحال، لأنه قد أحصد" (مر 4: 26- 29).

نقرأ في كتاب الاقتداء بالمسيح: "ملكوتُ الله هو سلامٌ وفرحٌ في الروح القدس : سيأتيك ويُريكَ تعزيَته، إذا هيأتَ له في داخلِكَ مقاماً لا ئقاً. جميعُ مجدهِ وبهائهِ في الداخل، وهناكَ مسرَّته . يُكثِرُ افتقادَه لِذي الحياةِ الداخلية: حديثُه عذْبٌ، وعزاؤه لطيف، وسلامُه فائضٌ، وأُلفَتهُ عجيبة. هيا، أيتُها النفسُ الأمينة، أَعدِّي قلبَك لهذا العروس، لكي يرتَضيَ أن يَجيءَ إليكِ، ويُقيمَ فيكِ. فإنه يقول: "إذا أحبني أحدٌ حفظَ كَلامي ونَأتي إليهِ، فَنَجعلُ لنا عِنّدهُ مقاماً" (يوحنا14: 23). أخلِ المكانَ إذاً للمسيح. إن حَصلتَ على المسيح، فأنتَ غنيٌ، وهو حَسبُكَ. هو سندُكَ الأمين، ومدبِّرُ جميعِ شؤُونِكَ، فلن تحتاج الاتكالَ على البشر. ضعْ ثقتَكَ كُلَّها في الله، وليكنْ هو خَوفكَ وحُبَّك: هو يُدافعُ عنك، ويفعلُ حسناً ما هو الأحسنُ لك. ليسَ لكَ ههنا مدينةٌ باقية. وحيثما كنتَ، فأنتَ سائحٌ غريب، ولن تحصُلَ أبداً على الراحة، ما لم تتحِدْ بالمسيحِ اتحاداً صميماً. لتكنْ أفكارُكَ مُوجَّهةً إلى العَليِّ، وتَضرُّعاتكَ إلى المسيح بلا انقطاع. إن كنتَ لا تُحسِنُ التأَملَ في الأمورِ الرفيعةِ والسماوية، فاسترِحْ في آلامِ المسيح، وأحببِ السُّكَنى في جِراحِهِ المقدَّسة. احتملْ مع المسيحِ ومن أجلِ المسيح، إن شئتَ أن تَملكَ مع المسيح.








All the contents on this site are copyrighted ©.