2014-09-22 13:06:00

لقاء البابا مع القادة الدينيين في الجامعة الكاثوليكية بتيرانا


خلال زيارته الرسولية لألبانيا يوم أمس الأحد التقى البابا فرنسيس قادة مختلف الديانات في البلاد خلال لقاء نُظم في حرم الجامعة الكاثوليكية في العاصمة تيرانا. وجه البابا للحاضرين كلمة استهلها معربا عن سروره للقاء المسؤولين عن مختلف المذاهب الحاضرة في ألبانيا، ورأى أن هذا التجمع الهام يشكل علامة للحوار المعاش يوميا، في إطار البحث عن بناء علاقات أخوة وتعاون بين الجميع من أجل خير المجتمع برمته. بعدها قال البابا إن ألبانيا اختبرت أعمال العنف والمآسي التي يسببها إقصاء الله عن الحياة الشخصية والجماعية. عندما يُقرر باسم أيديولوجية ما إبعاد الله عن المجتمع يؤدي الأمر إلى عبادة الأوثان، ويضيّع الإنسان نفسه، وتُداس كرامته وتُنتهك حقوقه. إنكم تعرفون جيدا الأعمال الوحشية التي يولّدها انتهاك حرية الضمير والحرية الدينية، ويؤدي الأمر إلى فقدان الأمل والمثل لدى البشر.

إن التبدلات التي بدأت تحصل منذ تسعينات القرن الماضي، قال البابا، أدت إلى خلق الشروط اللازمة لحرية دينية فعلية. وهذا مكّن كل جماعة بإعادة إحياء تقاليدها التي لم تنطفئ أبدا، على الرغم من الاضطهادات العنيفة، وسمح للكل بتقديم إسهام إيجابي، من خلال القناعات الدينية الخاصة، لعملية إعادة الإعمار الخليقة ومن ثم الاقتصادية. "إن الحرية الدينية"، كما أكد البابا القديس يوحنا بولس الثاني خلال زيارته التاريخية لألبانيا في العام 1993، "ليست في الواقع هبة ثمينة من الرب للمؤمنين وحسب إنها أيضا هبة للجميع، لأنها الضمانة الأساسية لكل تعبير عن الحرية. إن الإيمان يذكرنا بأن لدينا خالق واحد، وبأننا جميعا أخوة! كما أن الحرية الدينية تشكل حصنا ضد كل الأنظمة التوتاليتارية وإسهاما مقررا للأخوة الإنسانية". (رسالة يوحنا بولس الثاني إلى الأمة الألبانية، 25 أبريل 1993).

بعدها تطرق البابا فرنسيس إلى خطر انعدام التسامح تجاه من لديه قناعات دينية مختلفة. علينا كمؤمنين الابتعاد عن كل ممارسة تشوه الدين، إن الديانة الأصيلة هي مصدر سلام لا عنف! لا أحد يمكنه استخدام اسم الله لممارسة العنف! من هذا المنطلق إن الحرية الدينية ليست حقا تضمنه التشريعات المرعية الإجراء وحسب، مع أن هذا الأمر ضروري: إنها فضاء مشترك، بيئة من الاحترام والتعاون يتم بناؤها من خلال مساهمة الجميع، حتى من قبل من ليس لديهم أي معتقد ديني.

هذا ثم أشار البابا فرنسيس إلى نقطتين أساسيتين في هذا المضمار: أولا ضرورة أن نرى في كل رجل وامرأة، حتى من لا يقاسموننا قناعاتنا الدينية، أخوة وأخوات لنا، لا خصوما أو أعداء. إننا كلنا في الواقع حجاج على هذه الأرض، ونحن نعتمد على بعضنا البعض، لا نعيش ككيانات منفصلة عن بعضها، وبالتالي يتعين على كل تقليد ديني أن يأخذ في عين الاعتبار وجود الآخر. أما النقطة الثانية فتكمن في الالتزام لصالح الخير المشترك كي تتحول الحرية الدينية إلى عامل قوة يُغني العائلة البشرية: إذ نصبح أكثر أحرارا كل ما وضعنا أنفسنا في خدمة الآخرين. كما لفت البابا إلى الإسهام الذي يمكن أن يقدمه في حقل الأعمال الخيرية رجال ونساء يستوحون نشاطهم من قيم تقاليدهم الدينية الخاصة. وهذا يشكل أرضا خصبة من أجل نمو الحوار بين الأديان.

وذكّر البابا الحاضرين بأنه لا يمكننا أن نتحاور إلا إذا انطلقنا من هويتنا الخاصة وقال: إن ما يجمعنا هو طريق الحياة، الإرادة الصالحة بالانطلاق من هويتنا لصنع الخير مع الأخوة والأخوات. ختاما حث البابا فرنسيس القادة الدينيين في ألبانيا على الحفاظ على العلاقات بين الجماعات الدينية وتنميتها، طالبا منهم أن يشعروا بأنهم متحدون في خدمتهم لأمتهم العزيزة وقال: كأن الكاثوليك يخوضون مباراة في كرة القدم ضد الآخرين من أجل مصلحة الأمة والبشرية. 








All the contents on this site are copyrighted ©.