2014-10-11 13:32:00

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذَلِكَ الزَّمان، كَلَّمَ يسوعُ بالأَمثالِ الأَحبارَ وَشُيوخَ الشَّعبِ مَرَّةً أُخْرى قال: "مَثَلُ مَلكوتِ السَّمَواتِ كَمَثَلِ مَلِكٍ أَقامَ وَليمةً في عُرسِ ابنِه. فأَرسَلَ عَبيدَهُ لِيَدعوا المَدعُوِّينَ إِلى العُرْس فأَبَوا أَن يَأتوا. فأَرسَلَ عَبيداً آخَرين وأَوعَزَ إِلَيهم أَن "قولوا لِلمَدعُوِّين: ها قد أَعدَدتُ وَليمَتي فذُبِحَت ثِيراني والسِّمانُ مِن ماشِيَتي، وأُعِدَّ كُلُّ شَيء فتَعالَوا إِلى العُرْس". ولكِنَّهم لم يُبالوا، فَمِنهُم مَن ذَهبَ إِلى حَقلِه، ومِنهُم مَن ذَهبَ إِلى تِجارتِه. وأَمسَكَ الآخَرونَ عَبيدَهُ فَشَتَموهم وقَتَلوهم. فَغَضِبَ الملِكُ وأَرسلَ جُنودَه، فأَهلَكَ هؤُلاءِ القَتَلَة، وأَحرَقَ مَدينَتَهم. ثُمَّ قالَ لِعَبيدِه: "الوَليمَةُ مُعَدّةٌ ولكِنَّ المَدعوَّينَ غيرُ مُستَحِقِّين، فَاذهَبوا إِلى مَفارِقِ الطُّرق وَادعُوا إِلى العُرسِ كُلَّ مَن تَجِدونَه". فخرَجَ أُولَئِكَ العَبيد إِلى الطُّرُق، فجمَعوا كُلَّ مَن وجَدوا مِن أَشْرارٍ وأَخيار، فامتَلأَت رَدهَةُ العُرْسِ بِالجُلَساءِ. ودَخَلَ المَلِكُ لِيَنظُرَ الجُلَساء فرَأَى هُناكَ رَجُلاً لَيسَ عَلَيهِ ثّوبُ العُرْس، فقالَ له: "يا صديقي، كَيفَ دخَلتَ إِلى هُنا، ولَيسَ عليكَ ثَوبُ العُرس؟" فلم يُجِبْ بِشَيء. فقالَ المَلِكُ لِلخَدَم: "شُدُّوا يَديَه ورِجلَيه، وأَلقوهُ في الظُّلمَةِ البَرَّانِيَّة. فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأَسنان. لأَنَّ جَماعَةَ النَّاسِ مَدْعُوُّون، ولكِنَّ القَليلينَ هُمُ المُخْتارون".

 

للتأمل

"مَثَلُ مَلكوتِ السَّمَواتِ كَمَثَلِ مَلِكٍ أَقامَ وَليمةً في عُرسِ ابنِه" يبدأ إنجيل هذا الأحد الثامن والعشرين من زمن السنة بإعلان رجاء وفرح، وتتميّز قراءات الليتورجية اليوم برسالة تعزية من الله لشعبه. بالتالي نقرا في القراءة الأولى من سفر أشعيا: " ويمسَحُ السَيِّدُ الرَّبُّ الدُّموعَ عن جميعِ الوُجوه؛ ويُزيلُ تَعييرَ شَعبِه عن كلِّ الأَرض، لأَنَّ الرَّبَّ قد تكلَّم.

يحدثنا يسوع في الإنجيل عن هذا الملك الذي أقام وليمة عرس لابنه ويقول لنا أن هذا الملك أَرسَلَ عَبيدَهُ لِيَدعوا المَدعُوِّينَ إِلى العُرْس فأَبَوا أَن يَأتوا، فقام عندها ودعا عَبيده وقال لهم: "الوَليمَةُ مُعَدّةٌ ولكِنَّ المَدعوَّينَ غيرُ مُستَحِقِّين، فَاذهَبوا إِلى مَفارِقِ الطُّرق وَادعُوا إِلى العُرسِ كُلَّ مَن تَجِدونَه"، أي جميع البشر. ويخبرنا هذا المثل أن ملكوت السماء هو وليمة عرس دائمة أعدّها الله الآب لنا جميعًا وللبشرية بأسرها. إنها وليمة أبديّة، احتفال لا ينتهي للمسيح العريس... فيُقالُ في ذلك اليَوم: "هُوَذا إِلهُنا، الَّذي انتَظَرْناه، وهو يُخَلِّصُنا؛ هُوَذا الرَّبّ، الَّذي انتَظَرْناه، فلنَبتَهِج ونَفرَح بِخَلاصِه".

فالله قد أراد أن يدعونا لنشاركه وهو يعضدنا ويحثنا بقوة روحه، هو يدعونا ويرسلنا إلى الآخرين لنساعدهم على قبوله وليختبروا محبته العُظمى فيجدوا معنى الحياة الحقيقي على الأرض وفي الأبديّة، ويجدوا الأجوبة على التساؤلات العميقة التي تخالج في كل آن قلب الإنسان. وهذه هي رسالتنا نحن المسيحيين وهذا هو دورنا في المجتمع والعالم! وبالتالي على عملنا الراعوي، الذي يحرّكه الروح القدس، أن يُضرم قلوب إخوتنا الذين نجتمع معهم في يوم الرب لنغتذي من كلمته وخبز الحياة الأبديّة.

لنعمل معًا أيها الإخوة من أجل نمو جماعة المؤمنين ولكي يجيبوا على الدوام على محبة الله بشكل أفضل بواسطة مثلهم وحياتهم، وليتردد دائمًا على شفاهنا صدى البشرى العظيمة: "يسوع المسيح يحبك وقد بذل حياته ليخلّصك وهو معك ويرافقك يومًا بعد يوم لينيرك ويقوّيك ويحرّرك!" فالمسيح قد أتى ليخلّصنا من القلق ويفتح أمامنا باب الرجاء، ويرشدنا إلى طريق السعادة الحقيقيّة، التي هي تواصل الدائم مع الربّ واتّحاد به. كما يقول القدّيس أوغسطينُس: "خلقتنا لك يا ربّ وقلبنا لن يرتاح إلاّ فيك"، فنحن قد خرجنا من الله وإليه نعود. ومسيرة العودة، بما فيها من صعوباتٍ ورجاء، هي مذاق أوّليّ للسعادة التي تنتظرنا، والتي نتوق إليها.








All the contents on this site are copyrighted ©.