2014-11-02 09:36:00

البابا فرنسيس: التطويبات هي التي ستخلّص العالم


ترأس قداسة البابا فرنسيس عصر أمس السبت القداس الإلهي في مدافن الفيرانو في روما بمناسبة عيد جميع القديسين وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة، استهلها انطلاقًا من القراءة الأولى التي تقدمها الليتورجية من كتاب سفر الرؤيا والذي نقرأ فيه عن الملاك الذي ينادي "بِصَوتٍ جَهيرٍ المَلائِكَةَ الأَربَعَة، الَّذينَ وُكِلَ إِلَيهم أَن يُنزِلوا الضَّرَرَ بِالبَرِّ والبَحر، قائلاً:  "لا تُنزِلوا الضَّرَرَ بِالبَرِّ والبَحرِ والشَّجَر..."، وقال: نحن قادرون على إنزال الضرر بالأرض أفضل من هؤلاء الملائكة، وهذا ما نقوم به: ننزل الضرر بالخليقة، بالحياة، بالثقافة، بالقيم والرجاء. وما أحوجنا لقوة الرب ليختمنا بمحبته وقوته ويوقف مسيرة الدمار المجنونة هذه.

تابع الأب الأقدس يقول: نحن ندمر ما وهبنا الله إياه، الأشياء الجميلة التي صنعها لنا لكي ننميها ونجعلها تُثمر... فالإنسان يريد أن يسيطر على كل شيء يعتقد نفسه الله والملك، والحروب تستمر في زرع الموت والدمار. إنها مصنع للدمار ونظام إقصاء: يستقصي الأطفال والمسنين والشباب العاطلين عن العمل... لا بل يستقصي شعوبًا بأسرها. أما الصورة الثانية والتي يمكننا أن نتأمل بها في هذه القراءة أيضًا فهي هذا الجمع الكَثير الذي لا يُحصى، من كُلِّ أُمَّةٍ وقَبيلَةٍ وشَعبٍ ولِسان... وهذا ما نراه أيضًا في يومنا هذا، ومع اقتراب البرد ينبغي على هؤلاء الفقراء، بالإضافة إلى الهرب لإنقاذ حياتهم تاركين بيوتهم وأهلهم، أن يقيموا في الخيم ويقاسوا البرد جياع وبدون أدوية... لأن الإنسان-الله قد سيطر على الخلق وعلى كل الأمور الجميلة التي صنعها الله لنا... ومن يدفع الثمن؟

أضاف الحبر الأعظم يقول: الصغار والفقراء، أولئك الذين تمّ إقصاءهم، هؤلاء هم الذين يدفعون! وهذه ليست قصّة قديمة بل هذا ما يحدث اليوم، ويبدو أن هؤلاء الأشخاص وهؤلاء الأطفال الجياع والمرضى لا قيمة لهم، وكأنهم ليسوا بشرًا وإنما من فصيلة أُخرى. وهذا الجمع الكبير يقف أمام الله ويسأل: "الخلاص من فضلكم! السلام من فضلكم! من فضلكم القليل من الخبز!...

أما الصورة الثالثة، تابع البابا فرنسيس يقول، فهي صورة الله وبركته:"لإِلهِنا الحَمْدُ والمَجْدُ والحِكمَةُ، والشُّكْرُ والإِكْرامُ والقُوَّةُ وَالعِزَّةُ أَبَدَ الدُّهور"، وهذا هو الرجاء. الرجاء بأن الله سيشفق على شعبه لاسيما على الذين يعيشون هذه المحنة الكبيرة، وأن يرحم المُضطَّهِدين والمُدمِّرين ليتوبوا. وهكذا تسير قدماً مسيرة القداسة في الكنيسة. فإن كنا نريد أن نسير نحو الآب في هذا العالم الذي تجتاحه الحروب والاضطهادات ينبغي علينا أن نتخذ موقف التطويبات لأنه وحده القادر على تخليّصنا من الدمار، من دمار الأرض والخليقة، من دمار الأخلاق والتاريخ والعائلة. إنها مسيرة ستحمل معها الاضطهادات أيضًا ولكنها ستحمل إلى الأمام شعب الله الذي يتألم بسبب أنانية الإخوة، وستمنحهم الرجاء بلقاء الله وتقودهم إلى القداسة.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول: ليساعدنا الربّ ويمنحنا نعمة الرجاء هذا وإنما أيضًا نعمة الشجاعة لنتغلب على الدمار والنسبيّة وإقصاء الآخرين والقيم وإقصاء السلام! فنسير نحوه بالرجاء إلى أن نلتقيه وجهًا لوجه.








All the contents on this site are copyrighted ©.