2014-11-18 12:46:00

البابا فرنسيس: إن كلمة الله قادرة على تغيير كلّ شيء


"ينبغي علينا أن نتنبّه على الدوام لكي لا نصبح مسيحيين فاترين أو مسيحيين يعيشون في المظاهر فقط" هذه هي الدعوة التي وجهها قداسة البابا فرنسيس في عظنه مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الثلاثاء في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان وقال إن المسيحيين مدعوون على الدوام للإجابة على دعوة يسوع لهم للارتداد والتوبة لكي لا يصبحوا فاسدين.

قال البابا الارتداد هو نعمة! إنه افتقاد الرب لنا! استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من القراءات التي تقدمها لنا الليتورجية اليوم من إنجيل القديس لوقا الذي يخبرنا عن لقاء يسوع بزكا العشار ومن القراءة الأولى من سفر الرؤيا التي يطلب الرب فيها من مؤمني كنيسة اللاذقية أن يعدلوا عن فتورهم ورفاهيتهم الروحيّة، فمن يعيش بهذه الطريقة، تابع الأب الأقدس يقول، يعتبر بأنه لا ينقصه شيء وبأنه يتمم واجباته المسيحية ولا يعوزه شيء. ومن يعيش بهذه الحالة يعيش في الخطيئة لأن الرفاهية الروحية هي خطيئة، والرب يقول له بوضوح دون محاباة: " إِنِّي عليمٌ بِأَعْمالِكَ، وأَعلَمُ أَنَّك لَستَ بارِدًا ولا حارًّا. ولَيتَكَ كُنتَ بارِدًا أَو حارًا! أَمَّا وأَنتَ فاتِر، لا حارٌّ ولا باِرِد، فسأَتَقَيَّأُكَ مِن فَمي" وإذ يعتبر نفسه غنيًّا لا يحتاج لشيء يقول له الرب أيَضًا: "أنت لا تَعلَمُ أَنَّكَ شَقِيٌّ بائِسٌ مِسكينٌ أَعْمى عُرْيان، أُشيرُ علَيكَ أَن تَشتَرِيَ مِنِّي ذَهَبًا مُخَلَّصًا بِالنَّارِ لِتَغتَني، وثِيابًا بيضًا تَلبَسَها، فلا يَبدُوَ خِزيُ عُريَتِكَ".

تابع الأب الأقدس يقول هناك دعوة أخرى يوجهها الله للذين يعيشون في المظاهر والذين يعتبرون أنفسهم أحياءً ولكنهم أموات وبالتالي يطلب منهم الرب أن يسهروا ويتوبوا قائلاً: "تَنَبَّهْ وثَبِّتِ ما بَقِيَ وقد أَشرَفَ على المَوت... فأذكُرْ ما تَلَقَّيتَ وسَمِعتَ واحفَظْه وتُبْ. فإِن لم تَتَنَبَّهْ أَتَيتُكَ كالسَّارِق، لا تَدْري في أَيَّةِ ساعةٍ أُباغِتُكَ". وبالتالي نحن مدعوون لنسائل أنفسنا: هل أنا مسيحيّ يعيش في المظاهر؟ هل أملك حياة روحيّة؟ هل أشعر بالروح القدس وأصغي إليه وأسير قدمًا...؟ هل كل شيء على ما يرام وما من شيء ينبغي علي إصلاحه؟ هل أعيش في نعمة الله؟ تنبّهوا من المظاهر لأن من يعيش في المظاهر لا يعيش أبدًا بل هو ميت، وبالتالي تأتي الدعوة لنا اليوم لنبحث في داخلنا عن ذكرى حيّة وعن السهر لكي نسير قدمًا فنتوب ونعود من المظاهر إلى الواقع، من الفتور إلى الاندفاع والحماس!

أضاف البابا فرنسيس يقول أما الدعوة الثالثة فهي دعوة زكا ذلك الرجل الغني ورئيس العشارين، لقد كان شخصًا فاسدًا وخائنًا، خان شعبه ووطنه بحثًا عن مصالحه في العمل مع الغرباء أي الرومان، لقد كان كالعديد من المسؤولين الفاسدين الذين نعرفهم، والذين بدل من أن يخدموا الشعب يستغلونه من أجل مصالحهم الشخصيّة. ولذلك لم يكن الناس يحبونه، فهو لم يكن فاترًا ولا ميتًا وإنما فاسد! ولكنه في تلك اللحظة شعر بشيء في داخله، وأراد رؤية هذا النبي الشافي الذي يتحدث عنه الجميع. وهذا هو عمل الروح القدس فقد زرع في زكا نوعًا من الحشرية دفعته ليذهب لرؤية يسوع لا بل ليصعد جُميزة ليراه. تصوّروا إذًا رئيس عشارين غني يتسلق شجرة لرؤية دخول يسوع إلى أريحا إن فكرنا بالأمر قد يبدو لنا مضحكًا بعض الشيء.

لكن زكا لم يستح، تابع الحبر الأعظم يقول، أراد رؤية يسوع وكان الروح القدس يحركه ولذلك دخلت كلمة الله إلى قلبه واختبر الفرح. وهذا الفرح بالذات هو ما ينقص الذين يعيشون الرفاهية الروحيّة والمظاهر، لكن زكا قد نال نعمة الفرح لأنه فتح قلبه وتاب، وعلامة على توبته وعد يسوع قائلاً: "يا ربّ، ها إِنِّي أُعْطي الفُقَراءَ نِصفَ أَموْالي، وإِذا كُنتُ ظَلَمتُ أَحدًا شَيئًا، أَرُدُّه علَيهِ أَربَعَةَ أَضْعاف".

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول: إنها إذًا ثلاث دعوات للتوبة، ويسوع بنفسه يوجهها للفاترين والذين يعيشون الرفاهية الروحيّة والمظاهر والذين يعتبرون أنفسهم أغنياء لا يحتاجون لشيء. وأضاف: إن كلمة الله قادرة على تغيير كلّ شيء ولكننا لا نتحلى دائمًا بالشجاعة لنؤمن بها ونقبل هذه الكلمة التي تشفينا من الداخل. والكنيسة تريدنا – خلال هذه الأسابيع الأخيرة من زمن السنة – أن نفكر بتوبتنا لكي نتمكن من المضي قدمًا في حياتنا المسيحية، وتقول لنا إن كلمة الله تعيد إلينا الذكرى وتدعونا لنحافظ عليها ونسهر ولكنها تطلب منا أيضًا أن نطيع كلمة الله هذه لكي نتوب ونتمكن من بدأ حياة جديدة.                  








All the contents on this site are copyrighted ©.