2014-11-19 13:05:00

في مقابلته العامة مع المؤمنين البابا فرنسيس: لنسر بشجاعة على درب القداسة!


أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان واستهل تعليمه الأسبوعي بالقول: أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، إن إحدى العطايا الكبيرة التي تركها لنا المجمع الفاتيكاني الثاني هي استعادة نظرة الكنيسة المبنية على الشركة وفهم مبدأ السلطة والتراتبية في هذا المنظار، وقد ساعدنا هذا الأمر لكي نفهم بشكل أفضل بأن جميع المسيحيين، كمعمّدين، يتمتعون بالكرامة عينها أمام الرب وتجمعهم الدعوة عينها وهي الدعوة إلى القداسة. والآن لنسأل أنفسنا: على ماذا تقوم هذه الدعوة العامة إلى القداسة؟ وكيف يمكننا تحقيقها؟

تابع الأب الأقدس يقول: أولاً ينبغي علينا أن نعرف بأن القداسة ليست شيئًا نصنعه بأنفسنا، أو نناله بفضل ميزاتنا وقدراتنا. القداسة هي عطيّة، إنها الهبة التي يمنحنا إياها الرب يسوع عندما يأخذنا معه ويغمرنا بذاته ويجعلنا مثله. في الرسالة إلى أهل أفسس يؤكد بولس الرسول أن "المسيح أَحَبَّ الكَنيسة وجادَ بِنَفسِه مِن أَجْلِها لِيُقدَسَها" (أفسس 5، 25- 26). إذًا فالقداسة هي حقًّا وجه الكنيسة الأجمل: إنها إعادة اكتشاف أنفسنا في شركة مع الله في ملء حياته ومحبته، وبالتالي يمكننا أن نفهم أن القداسة ليست امتيازًا للبعض وإنما هي هبة تعطى للجميع بدون استثناء ولذلك فهي الميزة الخاصة لكل مسيحي.

أضاف الحبر الأعظم يقول: هذا الأمر يجعلنا نفهم أنه لنكون قديسين لا يجب أن نكون أساقفة كهنة أو رهبان...لا! جميعنا مدعوين لنصبح قديسين! كثيرًا ما نتعرض لتجربة التفكير بأن القداسة محفوظة فقط للذين يمكنهم الابتعاد عن الاهتمامات العادية ليكرسوا أنفسهم للصلاة فقط. لكن الأمر ليس هكذا! لا! لأن القداسة هي أكبر وأعمق! وبالتالي نحن مدعوون لنصبح قديسين من خلال عيش المحبة وتقديم شهادة مسيحية في الأعمال اليومية، كلّ بحسب أوضاعه وحالة الحياة التي يعيشها: أنت مكرّس؟ كن قديسًا من خلال عيشك بفرح لتقدمتك وخدمتك. أنت متزوج؟ كن قديسًا من خلال حبّك لشريكك والاعتناء به، كما فعل المسيح مع الكنيسة. أنت مُعمَّد وغير متزوج؟ كن قديسًا من خلال إتمام عملك بصدق وكفاءة مقدمًا وقتك لخدمة الإخوة. فالله هو الذي يعطيك النعمة لتصبح قديسًا وإنما عليك أن تنفتح على على هذه النعمة التي تعمل في داخلك وتقودك إلى القداسة. أنت والد أو جدّ؟ كن قديسًا من خلال تعليم أبناءك أو أحفادك بشغف أن يعرفوا يسوع ويتبعوه، وهذا يتطلب منك صبرًا كبيرًا، ومن هذا الصبر أيضًا تأتي القداسة. أنت معلم تعليم مسيحي، مربّي أو متطوّع؟ كن قديسًا من خلال كونك علامة منظورة لمحبة الله وحضوره بقربنا. كل حالة حياة تقودنا إلى القداسة! إن طريق القداسة مفتوحة أمامك في بيتك، وعلى الطريق، في العمل والكنيسة، أينما كنت وفي أي وقت كان وفي حالة الحياة التي اخترتها. لا تخف من السير في هذه الدرب، فالله سيعطيك النعمة لتسير ولكنه يطلب منك فقط أن تكون في شركة معه وتضع نفسك في خدمة الإخوة.

تابع البابا فرنسيس يقول: والآن يمكن لكل منا أن يقوم بفحص ضمير صغير: كيف أجبنا حتى الآن على دعوة الرب لنا إلى القداسة؟ هل أرغب بأن تكون حياتي المسيحية أفضل؟ عندما يدعونا الرب لنكون قديسين، فهو لا يدعونا إلى شيء متعب وتعيس... بالعكس! إنها دعوة لنشاركه فرحه ولكي نعيش ونقدّم بفرح كل لحظة من حياتنا، فنصبح بدورنا عطية محبة للأشخاص الذين يعيشون بقربنا. وإن فهمنا هذا الأمر يتغيّر كل شيء ويأخذ معنى جديدًا وجميلاً بدءً من الأشياء اليوميّة الصغيرة. بعدها توقف الحبر الأعظم ليعطي أمثالاً لعيش القداسة في الحياة اليومية على سبيل المثال ألا تتحدث بالسوء عن أحد، هذه خطوة نحو القداسة؛ أن تكرس وقتًا للإصغاء إلى ابنك الذي يحتاج إليك هذه خطوة نحو القداسة؛ أن تختتم نهارك بالصلاة بالرغم من التعب هذه أيضًا هي خطوة نحو القداسة، وقال إنها خطوات صغيرة نحو القداسة، وكل خطوة نحو القداسة تحوّلنا إلى أشخاص أفضل، متحررين من الأنانيّة والانغلاق ومنفتحين على الإخوة وحاجاتهم.

وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول: أيها الأصدقاء الأعزاء، في رسالة القديس بطرس الأولى نقرأ هذه الدعوة: "ليَخدُم بَعضُكم بَعضًا، كُلُّ واحِدٍ بما نالَ مِنَ المَوهِبَة كما يَحسُنُ بِالوُكَلاءِ الصَّالِحينَ على نِعمَةِ اللهِ المُتَنَوِّعَة. وإِذا تَكلَّمَ أَحَدٌ ، فلْيَكُنْ كَلامُه كَلامَ الله. وإِذا قامَ أَحدٌ بِالخِدمَة، فلْتَكُنْ خِدمَته بِالقُوَّةِ الَّتي يَمنَحُها الله، حتَّى يُمَجَّدَ اللهُ في كُلِّ شَيءٍ بِيسوعَ المسيح" هذه هي الدعوة إلى القداسة! لنقبلها بفرح ولنعضد بعضنا بعضًا لأن المسيرة نحو القداسة لا نسيرها كل لوحده بل معًا، في ذلك الجسد الوحيد الذي هو الكنيسة التي أحبها الرب يسوع المسيح وقدّسها! لنسر إذًا بشجاعة على درب القداسة








All the contents on this site are copyrighted ©.