2015-02-28 14:25:00

كلمة البابا فرنسيس لإتحاد التعاونيات الإيطاليّة


استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر هذا السبت في قاعة بولس السادس بالفاتيكان إتحاد التعاونيات الإيطاليّة وللمناسبة ألقى الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال أنتم الذكرى الحيّة لكنز كبير في الكنيسة الإيطالية. لقد اعترفت الكنيسة على الدوام بالخبرة التعاونية وقدّرتها وشجّعتها. وهذا ما نقرؤه في وثائق تعليم الكنيسة.

تابع الأب الأقدس يقول أريد اليوم ألا يتطلع حوارنا إلى الماضي فقط بل أن ننبسط إلى الأمام نحو رؤى جديدة ومسؤوليات جديدة وأشكال مبادرات جديدة للمؤسسات التعاونيّة. إنها رسالة حقيقيّة تتطلّب منا خيالاً مبدعًا لإيجاد أشكال وأساليب لمحاربة "ثقافة الإقصاء" التي يزرعها تسلّط الذين يديرون السياسات الاقتصادية والماليّة في العالم المعولم. إن عولمة التضامن اليوم تعني التفكير بارتفاع عدد العاطلين عن العمل ودموع الفقراء المستمرّة وضرورة استعادة نموّ يشكل تطوّرًا شاملاً للشخص الذي يحتاج بالطبع إلى مدخول ولكن المدخول وحده لا يكفي! لنفكّر بحاجات الخدمات الاجتماعية التي لا يمكن لأنظمة الرخاء التقليدية أن ترضيها؛ وبضرورة التضامن الملحّة واضعين مجددًا كرامة الشخص البشري في محور الاقتصاد العالمي.

أضاف البابا فرنسيس لا تتوقفوا فقط للنظر إلى ما حققتموه، بل استمروا بتحسين وتعزيز وتحديث المؤسسات الصالحة والثابتة التي بنيتموها. ولكن عليكم أن تتحلّوا بالشجاعة أيضًا لتخرجوا منها محمّلين بخبرات وأساليب جديدة لتحملوا التعاون إلى حدود التغيير الجديدة حتى الضواحي الوجوديّة التي تحتاج إلى الرجاء وحيث يبدو أن النظام الاجتماعي – السياسي الحالي موجّه لخنق الرجاء وإنماء المخاطر والتهديدات. واليوم أنتم تمثلون هنا خبرات فعالة في مختلف القطاعات: من تقييم الزراعة إلى تعزيز بناء منازل جديدة، ومن التعاونيات الاجتماعية إلى القرض التعاوني وبالتالي أود أن أقدّم لكم بعض التشجيعات الملموسة.

أولاً، تابع الحبر الأعظم يقول، على التعاونيات أن تكون على الدوام المحرّك الذي يرفع وينمّي الجزء الأشد ضعفًا في جماعاتنا المحليّة والمجتمع المدني. لذلك يجب أن يوضع في المقام الأول تأسيس منظمات تعاونية جديدة بالإضافة إلى تطوير تلك الموجودة لخلق فرص عمل جديدة. أما التشجيع الثاني فهو أن تكونوا روادًا نشيطين في تحقيق حلول جديدة في إطار الخدمات الاجتماعية، خصوصًا في مجال الصحة حيث لا يجد العديد من الفقراء الأجوبة المناسبة لحاجاتهم. أعلم جيّدًا ما تقومون به منذ سنين بمحبة وشغف. المحبة عطيّة وليست مجرّد تصرّف لتهدءة القلب، إنها عطية لا يمكننا بدونها أن ندخل بيت من يتألم وفي لغة عقيدة الكنيسة الاجتماعية فهذا يعني طلب التكافل بقوة وصدق أي أن نوحّد القوى.

أضاف الأب الأقدس يقول أما التشجيع الثالث فهو يتعلّق بالاقتصاد وعلاقته بالعدالة الاجتماعية وبكرامة الشخص البشري وقيمته. من المعروف أنه من الضروري أن يصار أولاً إلى نوع من سياسة عدم التدخّل للتمكن فيما بعد من الوصول إلى تعزيز سياسة إعادة توزيع من قبل الدولة. لكننا نعرف أنه من خلال تحقيق نوعيّة اقتصاد جديدة تُخلق القدرة على تنمية الأشخاص في جميع إمكانياتهم. والتشجيع الرابع هو أنه وإن نظرنا حولنا نجد أن الاقتصاد لا يتجدد أبدًا في مجتمع يشيخ بدلاً من أن ينمو. وبالتالي يمكن للحركة التعاونية أن تلعب دورًا مهمًّا في دعم وتشجيع حياة العائلات، وفي تحقيق التناغم بين العمل والعائلة، إنها مهمة قد بدأتم بتحقيقها وينبغي عليكم أن تحققوها على الدوام.

قد يدهشكم التشجيع الخامس، تابع البابا يقول، أنتم بحاجة للمال لتقوموا بهذه الأمور كلها، والتعاونيات غالبًا ما تكون ذات رأس مال غير كافي، لكن الأب الأقدس يقول لكم: استثمروا واستثمروا جيدًا! والحل الذي أقدمه لكم هو بأن تضعوا معًا وبحزم جميع الأدوات المناسبة لتحقيق الأعمال الصالحة. تعاونوا أكثر بين التعاونيات المصرفيّة والمؤسسات ونظّموا الموارد لتتمكن العائلات من العيش بكرامة وسلام؛ ادفعوا الرواتب المناسبة للعمال واستثمروا في المبادرات الضرورية فعلاً. فالاقتصاد التعاوني، إذا كان حقيقي، وأراد أن يقوم بمهمة اجتماعيّة قوية وأن يكون رائدًا لمستقبل أمّة ولكل جماعة محليّة ينبغي عليه أن يبحث عن أهداف واضحة، أي ينبغي عليه أن يعزز اقتصاد النزاهة! اقتصاد حقيقي يدعمه أشخاص يحملون الخير العام في قلوبهم وأذهانهم.

تابع البابا فرنسيس متسائلاً: هل تشارك التعاونيات في العولمة كالمؤسسات الأخرى؟ هل هناك أسلوب أصيل يسمح للتعاونيات بمواجهة التحديات الجديدة في السوق العالمي؟ كيف يمكن للتعاونيات أن تشارك في نمو التعاون مع الحفاظ على مبادئ التضامن والعدالة؟ أقوله لكم لتقولوه لجميع التعاونيات في العالم: لا يمكن للتعاونيات أن تبقى منغلقة على نفسها كما ولا يمكنها أيضًا أن تنطلق إلى الخارج كما وأنها ليست تعاونيات. أنتم تحتاجون للشجاعة والإبداع لبناء الدرب الصحيح لتدمجوا، في العالم، النمو والعدالة والسلام. لا ينبغي أن يكون حيًّا فقط في الذكرى تعاون الحركة التعاونية مع رعاياكم وأبرشياتكم. ينبغي على أشكال التعاون أن تكون مختلفة لكن المسيرة هي نفسها. وبالتالي حيث توجد ضواح وجوديّة، وحيث يوجد أشخاص عزّل ومهمشون، وحيث تنتهك كرامة الأشخاص مدّوا لهم يدكم!

وختم البابا فرنسيس كلمته لإتحاد التعاونيات الإيطاليّة بالقول: إن الحركة التعاونية الإيطالية تملك تقليدًا عظيمًا، وقد ارتبطت رسالتها التعاونيّة في إيطاليا منذ البدء بالهوية والقيم والقوى الاجتماعية الحاضرة في البلاد. حافظوا إذاً على هذه الهوية وعيشوا عهدكم كمسيحيين وكجواب على إيمانكم وهويتكم بدون خوف! وانطلقوا قدمًا في المسيرة مع جميع الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة.      








All the contents on this site are copyrighted ©.