2015-03-28 12:58:00

رسالة البابا فرنسيس بمناسبة الذكرى المئوية الخامسة لولادة القديسة تريزيا الأفيلية


بمناسبة الذكرى المئوية الخامسة لولادة القديسة تريزيا الأفيلية وجّه قداسة البابا فرنسيس رسالة للرئيس العام للرهبانية الكرمليّة الأب سافيريو كانيسترا كتب فيها: بمناسبة الذكرى المئوية الخامسة لولادة القديسة تريزيا ليسوع أرغب بالاتحاد في رفع الشكر مع الكنيسة بأسرها على العائلة الكرمليّة – راهبات، رهبان وعلمانيّون – من أجل موهبة هذه المرأة الفريدة.

تابع الأب الأقدس يقول: إنها نعمة من العناية الإلهية أن تُُصادف هذه الذكرى في السنة المخصّصة للحياة المكرّسة والتي تسطع فيها قديسة آفيلا كمرشد أمين ومثال جذّاب لتقدمة الذات بالكامل لله. إنه دافع آخر للنظر إلى الماضي بامتنان لإعادة اكتشاف "شعلة الوحي" التي أعطت دفعًا للمؤسسين والجماعات الأولى. ما أكبر الخير الذي تقدمه لنا باستمرار شهادة تكرسها النابعة من لقائها المباشر بالمسيح وخبرتها في الصلاة كحوار مستمرّ مع الله، وحياتها الجماعيّة المتجذّرة في أمومة الكنيسة!

أضاف الحبر الأعظم يقول إن القديسة تريزيا هي أولاً معلمة صلاة. فقد تمحورت خبرتها حول اكتشاف بشريّة المسيح. وإذ دفعتها رغبتها لمقاسمة هذه الخبرة الشخصيّة مع الآخرين وصفتها بأسلوب بسيط وقويّ، بمتناول الجميع، لأنها تقوم ببساطة على "علاقة صداقة... مع الذي نعرف أنه يحبّنا". غالبًا ما يتحوّل أسلوبها الروائي إلى صلاة كما ولو أنها تريد إدخال القارئ في حوارها الداخلي مع المسيح. فصلاة تريزيا لم تكن أبدًا صلاة محفوظة فقط لمكان أو زمن معيّن من النهار؛ بل كانت صلاة تنبثق بعفويّة في مناسبات عديدة. لقد كانت مقتنعةً بقيمة الصلاة المستمرّة بالرغم من عدم كونها كاملة على الدوام، فهذه القديسة تطلب منا المثابرة على الصلاة بأمانة حتى وسط الجفاف والصعوبات الشخصيّة أو الحاجات المُلحّة التي نواجهها. وفي تجديد الحياة المكرسة اليوم، تركت لنا تريزيا كنزًا كبيرًا، مليئًا بالاقتراحات الملموسة، طرق وأساليب للصلاة لا تقودنا إلى توازن داخلي فقط بل تجعلنا أيضًا ننطلق مجدّدًا من يسوع على الدوام وتشكّل لنا مدرسة حقيقيّة لننمو في الحب نحو الله والقريب.

تابع البابا فرنسيس يقول انطلاقًا من لقائها بيسوع عاشت القديسة تريزيا "حياة أخرى"؛ وأصبحت مبشّرة بالإنجيل لا تعرف التعب. وإذ كانت ترغب بخدمة الكنيسة، وإزاء مشاكل زمنها الخطيرة، لم تقف مكتوفة الأيدي، بل قرّرت كامرأة، وبالرغم من مشاكلها الصحيّة، أن تفعل ذلك القليل المتوقِّف عليها... أي أن تعيش المشورات الإنجيلية بكمالها وتسهر على أن تعيشها راهباتها أيضًا. وهكذا بدأ الإصلاح الذي أحدثته تريزيا الذي من خلاله طلبت من أخواتها ألا يضيّعن الوقت في الحديث مع الله "في أمور لا قيمة لها" فيما "العالم يشتعل". وهذا البعد الإرسالي والكنسي هو ما ميّز الرهبانيّات الكرمليّة على الدوام. وكما في الماضي تفتح لنا هذه القديسة اليوم أيضًا آفاق جديدة وتدعونا لنقوم أيضًا بخطوة جريئة فننظر إلى العالم بعيني المسيح لنبحث عما يبحث المسيح عنه ونحبّ ما يحبّه.

أضاف الأب الأقدس يقول لقد كانت القديسة تريزيا تعرف أن لا الصلاة ولا الرسالة بإمكانهما أن يستمران بدون حياة جماعيّة حقيقيّة، لذلك وضعت قديسة آفيلا الأخوة أساسًا في جميع أديارها: "هنا ينبغي على الجميع أن يحببنّ بعضهنَّ بعضًا ويساعدن بعضهنَّ بعضًا" وكانت متنبّهة على الدوام في تحذير الراهبات من خطر المرجعية الذاتيّة في الحياة الأخوية التي تقوم "بأكملها على التخلّي عن ذواتنا بدون مساومة" ووضع ذواتنا في خدمة الآخرين. وقد أوصت أخواتها أولاً بفضيلة التواضع التي ليست بإهمال المظهر الخارجي أو الخجل الداخلي وإنما بأن يعرف كلّ فرد قدراته وإمكانيّاته وما باستطاعة الله أن يفعله في حياتنا. وهي عكس ما تسمّيه القديسة "نقطة الافتخار الخاطئة" والتي تشكل مصدرًا للثرثرة والحسد والانتقادات التي تؤذي علاقتنا بالآخرين. فالتواضع بحسب القديسة تريزيا الأفيلية يقوم على قبول الذات والتيقن بكرامتنا، وعلى الشجاعة الرسوليّة والامتنان تجاه الله والاستسلام له. بهذه الجذور النبيلة، أصبحت الجماعات التي أسستها تريزيا بيوت شركة قادرة على تقديم الشهادة للحب الأخوي وأمومة الكنيسة مقدّمة للرب احتياجات العالم الذي تمزّقه الحروب والانقسامات.

وختم البابا فرنسيس رسالته للرئيس العام للرهبانية الكرمليّة الأب سافيريو كانيسترا بمناسبة الذكرى المئوية الخامسة لولادة القديسة تريزيا الأفيلية بالقول: لا يمكنني أن أختتم رسالتي بدون أن أشكر الجماعات الكرمليّة التي تكل الأب الأقدس بمحبة خاصة إلى حماية العذراء سيّدة الكرمل، وترافق بالصلاة الصعوبات والكبيرة والتحديات التي تواجه الكنيسة. أطلب من الرب أن تكون شهادة حياتكم كشهادة حياة القديسة تريزيا أي أن تُظهر فرح وجمال عيش الإنجيل وتجذب العديد من الشباب لأتباع المسيح عن كثب!                      








All the contents on this site are copyrighted ©.