2015-03-31 14:16:00

لبنان: بيان القمة الروحية الإسلامية ـ المسيحية


بدعوة من غبطة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، عقدت القمة الإسلامية ـ المسيحية اجتماعا لها في بكركي في الثلاثين من آذار مارس، وشارك فيه أصحاب الغبطة والسماحة والسيادة رؤساء الطوائف اللبنانية المسيحية والإسلامية وممثلوهم. وافتتح البطريرك الراعي الاجتماع بكلمة ترحيبية أكّد فيها على أهمية القمة الروحية ودورها. بعد ذلك وقف الجميع دقيقة صمت احترامًا لشهداء الجيش اللبناني بناء على طلب سماحة مفتي الجمهورية، وتوجّه المجتمعون بالتعزية إلى الطائفة الأشورية الكريمة بوفاة البطريرك مار دنخا الرابع.

وبعد أن تداول المجتمعون بالأوضاع الراهنة أصدروا بيانا جاء في مستهله: أعربت القمة الروحية عن قلقها واستيائها الشديدَين جراء استمرار الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية لما يشكله هذا الفراغ الدستوري من خطر على سيادة لبنان وأمنه وسلامته، وحتى على صيغته الحضارية التي يعتبرها رسالة إلى محيطه وإلى العالم. وجددت القمة دعوة القوى السياسية اللبنانية كافة إلى الاحتكام إلى المصلحة الوطنية العامة وإيلائها الأفضلية على كل مصلحة أخرى، وذلك للخروج من دوامة الدوران في فراغ جلسات الانتخاب العقيمة التي لم تؤدِّ حتى الآن إلا إلى استمرار هذا الفراغ وإلى تضاعف مخاطره. إن التأخير في انتخاب رئيس للجمهورية ينسحب سلباً على كل المؤسّسات الدستورية والمؤسسات العامة، فتتعطل الواحدة تلو الأخرى، ويتم ملء الوقت الضائع في محاولة استنباط حلول لمشاكل تنجم عن هذا الفراغ. بينما المطلوب واحد وهو الاحتكام إلى صندوق الاقتراع في المجلس النيابي وفقًا للدستور. ولاحظت القمة أن الحوارات مستمرّة بين بعض الفرقاء وهي تشجّع في المبدأ على استمرارها ولكنها لم تثمر إلا القليل ولم تلامس حتى الآن الوجع الأساسي. إن موضوع انتخاب رئيس للجمهورية يجب أن يبقى الموضوع المحوري والملح لأن رئيس الجمهورية المسيحي الماروني هو الضمانة الأساسية لاستمرارية العيش معًا وبالتالي لبقاء الدولة اللبنانية.

وممّا جاء في البيان نقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية: يناشد أصحاب الغبطة والسماحة المسؤولين بضرورة إيلاء الشأنين الاقتصادي والاجتماعي عناية فائقة لما يترتب على المواطنين من ثقل الأزمات المتراكمة على هذين الصعيدين.  إن الحروب والصراعات الدائرة في سوريا والعراق قد خلّفت مآس لا تعد، من مقتل مئات الآلاف، إلى تدمير العديد من المدن والبلدات والقرى، إضافة إلى تهجير ما يزيد على مليون ونصف مليون من النازحين السوريين إلى لبنان، فضلاً عن آلاف النازحين العراقيين، ناهيك عن ما يزيد على نصف مليون لاجىء فلسطيني. لا يمكننا أن ننسى الظروف المأساوية واللاإنسانية التي يعيشها هؤلاء النازحون والتي تحتاج لتحرك دولي فاعل يهدف إلى زيادة المساعدات الإنسانية وتكثيفها. كما يجب أن يدرك المجتمع العربي والدولي أن لدى لبنان قدرة استيعاب محدودة لعدد النازحين الذين يمكنه احتضانهم لفترة محدّدة، فيمنع تحوّل لجوئهم إلى لبنان من مؤقت إلى دائم لأن ذلك يشكّل خطرًا كبيرًا على وحدة لبنان واستقراره.

إن ظاهرة الإرهاب التي تجتاح المنطقة، والتي تتلبس لباس الدين وتتوسّل التكفير والعنف ورفض الآخر، يجب التصدّي لها ومواجهتها بجدية ثقافيا وتربويا واقتصاديا وسياسيا. كما تكون مواجهتها بتوحيد صفوف الاعتدال وتعزيز مواقعه وتطوير الخطاب الديني الذي يؤكد على المصالحة والتسامح والتعايش ويبتعد عن مصطلحات الإقصاء والإلغاء.  كما وترى القمّة أن هذه الموجات من العنف والإرهاب لم توفّر أيّا من الطوائف والمذاهب والمكونات المجتمعية في البلدان المختلفة إلا أنها توقفت مليًّا عند ما يتعرّض له المسيحيون المشرقيون بمختلف تلاوينهم من ملاحقة وقهر وتشريد وتهجير وكان آخرهم أبناء الطائفة الأشورية.

وأقرّ المجتمعون مأسسة القمة الروحية وجعل اجتماعاتها العادية فصلية.

المطالبة والسعي من أجل الإفراج عن جميع المخطوفين والأسرى مدنيين وعسكريين وروحيّين وفي طليعتهم المطرانان يوحنا إبراهيم وبولس يازجي.

الإشادة بالدور المسؤول والبنّاء الذي يقوم به الجيش اللبناني والقوى الأمنية في حماية أمن لبنان وسلامته واستقراره، ورد العدوان الذي يحاول التسلل إليه عبر الحدود. وتدعو لتأمين كل حاجات الجيش والقوى الأمنية من أسلحة ومعدات حتى تتمكن من مواصلة أداء هذه المهمة الوطنية.

بعد أن احتفلنا الأسبوع الماضي، مسلمين ومسيحيين معًا، بعيد بشارة العذراء مريم، الذي يشكّل أوّل احتفال ديني إسلامي مسيحي مشترك في التاريخ، يعزّز قيمة لبنان ورسالته للعالم، وبمناسبة حلول الأعياد المجيدة عند الطوائف المسيحيّة، نسأل الله أن يقوم لبنان من كبوته، ويعود لممارسة دوره الطليعي بين الأمم، ويعم فيه الخير والسلام.








All the contents on this site are copyrighted ©.