2015-05-23 14:02:00

البابا فرنسيس يستقبل الجمعيات المسيحيّة للعمال الإيطاليين


استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر هذا السبت في قاعة بولس السادس بالفاتيكان الجمعيات المسيحيّة للعمال الإيطاليين بمناسبة الذكرى السبعين على تأسيسها وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال تشكل هذه الذكرى مناسبة مهمّة للتأمل حول "روح" جمعيّاتكم وحول الأسباب الأساسيّة التي دفعتكم ولا تزال تدفعكم لعيشها بالتزام وشغف.

تابع الأب الأقدس يقول: أسئلة جديدة تقرع اليوم أبواب جمعياتكم وتتطلب منكم أجوبة جديدة وملائمة. فالمشاكل في العالم المعولم لم تتغيّر، وإنما تغيّر حجمها وإلحاحيتها، لكنَّ وسع وسرعة إنتاج عدم المساواة فلا سابق لهما. ولكن لا يمكننا أن نسمح بهذا الأمر! ينبغي علينا أن نقدّم خيارات بديلة عادلة وتضامنيّة ويمكن تحقيقها فعلاً. لذلك أدعوكم لتحقيق حلم يسمو نحو الأعلى. ينبغي علينا أن نعمل لكي يعبّر الكائن البشري، من خلال العمل – الحر والمبدع والتشاركي والتضامني – عن كرامة حياته وينمّيها.

أضاف الحبر الأعظم يقول: سأتوقف الآن عند ميزات العمل الأربع هذه، أولاً العمل الحر. إن حريّة العمل الحقيقيّة تعني أنَّ الإنسان، وإذ يتابع عمل الخالق يعمل لكي يجد العالم هدفه مجدّدًا: أي أن يكون عمل الله الذي، من خلال العمل المتمّم، يجسد صورة حضوره في الخليقة وتاريخ الإنسان. ولكن غالبًا ما يسيطر الظلم على العمل في مستويات عديدة وبالتالي ينبغي علينا أن نعمل لكي لا يكون العمل أداة استعباد وإنما أداة رجاء وحياة جديدة.

ثانيًا تابع البابا يقول العمل المبدع. كل إنسان يحمل في داخله قدرة فطريّة وفريدة ليستخرج من ذاته ومن الأشخاص الذين يعملون معه الخير الذي وضعه الرب في قلوبهم. ولكن هذا الأمر ممكن فقط عندما يُسمح للإنسان أن يعبِّر بحريّة وإبداع في بعض أشكال الشركات والعمل التعاوني في الجماعات التي تسمح له ولأشخاص آخرين بنمو اقتصادي واجتماعي كامل. وبالتالي لا يمكننا أن نقطع أجنحة الذين لديهم الكثير ليقدّموه من خلال ذكائهم وقدراتهم، وإنما يجب علينا أن نحررهم من الأحمال التي تثقّلهم وتمنعهم من الدخول في عالم العمل.

تابع الأب الأقدس يقول: ثالثًا العمل التشاركي. إن الإنسان مدعو، لكي يؤثر في الواقع، ليعبّر عن العمل بحسب منطقه الخاص، أي المنطق العلائقي الذي يسمح له على الدوام أن يرى في هدف العمل وجه الآخر والتعاون المسؤول مع الأشخاص الآخرين. ورابعًا العمل التضامني. تلتقون يوميًّا بأشخاص فقدوا عملهم أو يبحثون عن عمل. ينبغي عليكم أن قدموا أجوبة لهؤلاء الأشخاص. من واجبكم أولاً أن تقدموا لهم قربكم وتضامنكم، ومن ثم عليكم أن تقدّموا لهم الأدوات والفرص المناسبة. وبالتالي فإن التزام جمعيتكم وخدماتكم هم ضروريين للمساهمة في تقديم فرص العمل هذه ومسارات جديدة للعمل والمهنيّة.

أضاف البابا فرنسيس يقول أريد أيضًا أن أتطرّق باختصار إلى ثلاثة جوانب. الأول وهو حضوركم خارج إيطاليا، والذي بدأ تبعًا للهجرات الإيطاليّة. واليوم هناك العديد من الشباب الذين ينتقلون بحثًا عن عمل يناسب دراساتهم أو من أجل عيش خبرة مهنيّة مختلفة: أشجّعكم على استقبالهم ودعمهم في مسيرتهم وعلى تقديم المساعدة لهم لكي ينخرطوا في عالم العمل. ومن ثمّ، تواجه جمعيتكم موضوع مكافحة الفقر وموضوع إفقار الشرائح المتوسطة. وبالتالي يمكن لتقديم الدعم، ليس المادي فقط للأشخاص دون عتبة الفقر المدقع، أن يحمل فوائدًا للمجتمع بأسره. وفي الوقت عينه يمكن تجنّب أن ينزلق في الفقر الذين كانوا يعيشون حياة كريمة. ففي يومنا يمكن للمرء بسهولة أن يصبح فقيرًا. إنها حرب ثقافيّة مهمّة وهي التي تعتبر الرفاهيّة مقوّمًا للنمو وليس عبئًا. بإمكانكم أن تكونوا التنسيق والمحرّك "للعهد الجديد ضدّ الفقر" والذي يقدّم نفسه لتطوير برنامج وطني من أجل العمل اللائق والكريم. وأخيرًا، تابع البابا فرنسيس يقول، ليجد التزامكم دائمًا مبدأه ولحمته في ما تسمونه بالوحي المسيحي، والذي يذكر بالأمانة الدائمة ليسوع المسيح ولكلمة الله، وبدراسة وتطبيق العقيدة الاجتماعية للكنيسة في مواجهة التحديات الجديدة في العالم المعاصر.

وختم البابا فرنسيس كلمته للجمعيات المسيحيّة للعمال الإيطاليين بالقول إن الوحي المسيحي والبعد الشعبي يحدّدان أسلوب فهم وتحديث الأمانة التاريخية الثلاثيّة لجمعيّتكم: الأمانة للعمال وللديمقراطية وللكنيسة. ويمكن القول في الإطار الحالي أنه يمكن تلخيص هذه الأمانات الثلاث التاريخية بأمانة جديدة وآنية وهي الأمانة للفقراء. أشكركم على هذا اللقاء. أبارككم وأبارك عملكم وأسألكم ألا تنسوا أن تصلّوا من أجلي.








All the contents on this site are copyrighted ©.