2015-05-26 14:09:00

البابا فرنسيس: ليُفهمنا يسوع معنى أن نكون أخيرين لنخدم إخوتنا في الكنيسة


"ما أبشع رؤية المسيحي الذي يريد إتباع يسوع والعالم" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الثلاثاء في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان وأكّد أن المسيحي مدعو في حياته للقيام بخيارات جذريّة إذ لا وجود "لحياة مسيحيّة ما بين بين" لأنّه لا يمكننا أن ننال "السماء والأرض" في آن واحد.

استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجية اليوم من القديس مرقس والذي نقرأ فيه الحوار الذي دار بين بطرس ويسوع عندما توجّه بطرس إلى الرب قائلاً: "ها قد تَركْنا نَحنُ كُلَّ شَيءٍ وتَبِعناكَ" كمن يسأله ماذا سننال بالمقابل. ويأتي هذا السؤال بعد أن كان يسوع قد قال للشاب الغني الذي أراد أن يتبعه أن يذهب أولاً ويبيع ما يملكه ويعطيه للفقراء. قال البابا فرنسيس إنه حوار آني ويسوع يجيب باتجاه يختلف عما كان الرسل يتوقعونه، فهو لا يحدثهم عن كنوز وممتلكات بل يعدهم بملكوت السماوات والصليب والاضطهادات، لذلك عندما يكون المسيحي متعلّقًا بخيور الدنيا، يقدم صورة بشعة لمسيحيّ يريد أن يمتلك الأرض والسماء، فيما أن ما يعدنا به يسوع هو الصليب والاضطهادات، هذا هو التخلّي عن الذات وحمل الصليب يوميًّا... لقد عاش التلاميذ هذه التجربة في إتباعهم ليسوع: ماذا سنربح في النهاية إن تبعناك؟ لنفكر في هذا الإطار في أم يعقوب ويوحنا عندما سألت يسوع أن يمنح مراكزًا لأبنيها، لقد كانت تفكر بالمصالح الدنيوية لهذا الإتباع.

تابع الحبر الأعظم يقول ولكن بعد العنصرة تطهّرت قلوب هؤلاء التلاميذ وفهموا كلّ شيء، فهموا أن المجانية في إتباع يسوع هي الجواب على مجانيّة المحبة والخلاص اللذين منحنا إياهما يسوع، وعندما نرى أشخاصًا يريدون السير مع يسوع والعالم، مع الفقر والثروات فهؤلاء هم "أنصاف مسيحيين" يبحثون عن الربح المادي. وهذا هو روح العالم. هؤلاء المسيحيون يعرجون لأنهم لا يعرفون ماذا يريدون. ولكي نفهم ما يُطلب منا فعلاً ينبغي علينا أن نتذكّر قول يسوع لنا: "كثيرٌ مِنَ الأَوَّلينَ يَصيرونَ آخِرين، والآخِرونَ يَصيرونَ أَوَّلين" وأيضًا "من أراد أن يكون فيكم كبيرًا فليكن لك خادمًا"، أي ليكن أصغركم. فإتباع يسوع بحسب المنطق البشريّ ليس أبدًا صفقة جيّدة لأن هذا الإتباع هو خدمة. فيسوع هو أول من خدم تلاميذه، وإن أعطاك الرب الفرصة لتكون الأول بين إخوتك فعليك أن تتصرف كالأخير أي أن تخدمهم. وإن أعطاك الرب خيورًا كثيرة فعليك أيضًا أن تخدم الآخرين بهذه الخيور. ثلاث درجات فقط هي التي تبعدنا عن يسوع: الغنى والكبرياء والغرور. وهنا تكمن خطورة الغنى لأنه يقودك إلى الغرور فتعتبر نفسك مهمًّا وبالتالي تبدأ بالتكبر على الآخرين وتضيّع نفسك.

أضاف الأب الأقدس يقول إن الدرب التي يرشدنا إليها يسوع هي درب التخلّي على مثاله: "من أراد أن يكون فيكم كبيرًا فليكن لكم خادمًا"، ويسوع قد تعب كثيرًا ليُفهم تلاميذه هذا الأمر، وينبغي علينا نحن أيضًا أن نطلب منه أن يعلمنا هذا الدرب أيضًا وعلم الخدمة هذا، علم التواضع وأن نكون أخيرين لنخدم إخوتنا وأخواتنا في الكنيسة. وختم البابا فرنسيس عظته بالقول ما أبشع أن نرى المسيحي – علمانيًا، مكرسًا، كاهنًا أو أسقفًا – يريد إتباع يسوع والعالم. إنها شهادة سيئة تبعد الناس عن يسوع. لنتابع الآن الاحتفال بالذبيحة الإلهيّة متأملين بسؤال بطرس: "ها قد تَركْنا نَحنُ كُلَّ شَيءٍ وتَبِعناكَ، فكيف ستكافئنا؟" ولنفكر بجواب يسوع بالمكافأة التي يعطينا إياها من خلال التشبه به. هذا سيكون أجرنا وهو أجر كبير أن نتشبّه بيسوع!   

               








All the contents on this site are copyrighted ©.