2015-07-31 13:24:00

مداخلة الكرسي الرسولي خلال جلسة نقاش في مجلس الأمن حول موضوع "تحديات السلام والأمن في الدول الجزرية الصغيرة النامية"


ألقى مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك رئيس الأساقفة برناديتو أوزا مداخلة خلال انعقاد جلسة نقاش في مجلس الأمن الدولي حول موضوع "تحديات السلام والأمن التي تواجه الدول الجزرية الصغيرة النامية". واستهل كلمته في الإشارة إلى التحديات التي تواجهها الدول الجزرية الصغيرة النامية وفي طليعتها المشاكل المرتبطة بالتبدلات المناخية خصوصا وأن هذه الجزر معرضة للمخاطر التي تترتب على ارتفاع منسوب البحار، والأعاصير الاستوائية ناهيك عن ارتفاع درجات حرارة الهواء والمياه، وتغيّر أنماط الأمطار.

وأكد سيادته أن هذه المشاكل ليست بيئية أو تنموية وحسب بالنسبة للدول الجزرية النامية الصغيرة لأن هذه التهديدات تعرض وجود تلك الجزر للخطر. كما أن السكان لا يمكنهم أن يتحملوا استمرار ارتفاع منسوب مياه البحر. بالتالي، من الأهمية بمكان التطرق إلى مشكلة التبدلات المناخية إذا ما أردنا فعلا أن نوفّر المزيد من الأمن لتلك الجزر، وهذا الأمر يؤدي في الوقت نفسه إلى التخفيف من تأثيرات هذه الظاهرة في المستقبل.

وكل ذلك ـ قال رئيس الأساقفة أوزا ـ يتطلب تبني مقاربة جديدة للتنمية، والتحول من استخدام المحروقات الأحفورية إلى اعتماد الطاقة المتجددة بطريقة فاعلة. كما أن البلدان النامية يمكنها أن تسير في طريق التنمية المستدامة إذا ما اعتمدت أكثر على موارد الطاقة المتجددة التي تأخذ في عين الاعتبار حياة الكائن البشري وحياة الكرة الأرضية. بيد أن هذا التحول يتطلب أن تمد الجماعة الدولية يد المساعدة إلى تلك الدول الجزرية النامية كي تتمكن من تحقيق الأهداف المنشودة.

ومضى المسوؤل الفاتيكاني إلى القول إن العام الجاري الذي تتخلله قمم عدة بشأن البيئة تُعقد برعاية منظمة الأمم المتحدة ينبغي أن يشكل مناسبة تحملنا على التفكير بالواجبات الخلقية المرتبطة بتحقيق تقدم على هذا الصعيد وفي إطار تعاون الجميع. وينبغي أن يساهم في هذه الجهود صانعو القرارات السياسية على المستويات الدولية والوطنية والمحلية فضلا عن القادة السياسيين والاقتصاديين والمؤسسات العلمية والدينية. وأكد رئيس الأساقفة أوزا أن بعثة الكرسي الرسولي لدى منظمة الأمم المتحدة تعبر عن قلقها حيال ظاهرة التبادلات المناخية وتعتبر أن هذه الظاهرة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتنمية البشرية، وقال إن الاعتناء بالبيئة والتخفيف من حدة الفقر ليسا تحديين منفصلين عن بعضهما البعض، بل يشكلان جزءا من تحدي توفير تنمية بشرية أصيلة ومتكاملة.

وذكّر سيادته بأن البابا فرنسيس نفسه تحدث عن "إيكولوجيا متكاملة" كنموذج قادر على صقل علاقاتنا الأساسية المتعددة الأبعاد، مؤكدا أننا لا نواجه اليوم أزمتين: الواحدة بيئية والثانية اجتماعية، إنما نواجه أزمة واحدة معقدة وهي بيئية واجتماعية في الآن معا. والحل لهذه الأزمة ـ تابع الدبلوماسي الفاتيكاني ـ يتطلب تبني مقاربة متكاملة لمكافحة الفقر واستعادة الكرامة للأشخاص الأقل حظا، وحماية الطبيعة في الوقت نفسه. لذا فإن اعتناءنا بالأرض يجب ألا يقتصر فقط على تبني موقف "أخضر"، بل لا بد من اعتماد موقف اجتماعي لأننا ككائنات بشرية جزء من الطبيعة ونعيش في تفاعل مستمر معها، وقد سلط البابا فرنسيس الضوء على هذه المسألة خلال لقائه رؤساء بلديات أهم مدن العالم الذين اجتمعوا في الفاتيكان في الحادي والعشرين من تموز يوليو الجاري، مؤكدا لهم أن "الاعتناء بالبيئة هو موقف اجتماعي".

وذكّر مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة بأن البابا فرنسيس يحث الدول الغنية بنوع خاص على تحمل مسؤولياتها على هذا الصعيد ومد يد المساعدة إلى البلدان الفقيرة كيما تتمكن من السير على درب التنمية المستدامة. وفي هذا السياق شدد سيادته على ضرورة التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن خلال قمة الأمم المتحدة حول التبدلات المناخية والمزمع عقدها في باريس في شهر كانون الأول ديسمبر من العام الجاري. وختم لافتا إلى أن مسألتي التبدلات المناخية وانعدام التنمية تحملان طابعا اجتماعيا واقتصاديا لكن بإمكانهما التأثير على السلام والأمن وسط الجماعات المحلية وعلى الصعيدين الوطني والدولي. 








All the contents on this site are copyrighted ©.