2015-08-31 15:35:00

رسالة البطريرك المسكوني بمناسبة اليوم العالمي للصلاة من أجل العناية بالخليقة


بمناسبة اليوم العالمي للصلاة من أجل العناية بالخليقة في الأول من أيلول سبتمبر وجه البطريرك المسكوني برتلماوس الأول رسالة ذكَّر في بدايتها بالطابع المسكوني لصلاة هذا العام، حيث تشارك فيها الكنيسة الكاثوليكية وغيرها من الكنائس إلى جانب الكنيسة الأرثوذكسية. دعا برتلماوس الأول الجميع إلى الصلاة كي يجعل الله خليقته مثمرة لحياة الإنسان، وأضاف: "ومن الطبيعي أن يتضمن هذا التضرع أن تأتي التغيرات المناخية الفيزيولوجية في حدود يمكن تحملها من الإنسان من أجل بقائه من جهة، ومن الطبيعة من أجل حيويتها من جهة أخرى".

وواصل البطريرك المسكوني متحدثا عما يبدو تناقضا بين هذا التضرع وتصرفات الإنسان، حيث "نسيء معاملة الطبيعة بشكل يجعل التغيرات المناخية والبيئية تتتابع بشكل غير متوقع وبصورة غير مرجوة، ضارة بعمل الطبيعة الاعتيادي وبالتالي بحياتنا أيضا". حذر بعد ذلك من أن "تصرفات الأشخاص كأفراد، والمحاولات الخاصة والعامة لتجديد البيئة الطبيعية من أجل إنتاج المزيد من الثروات لمن يستغل الطبيعة"، تقود إلى ما وصفه بـ "كارثة لخليقة الله الجميلة التي تعمل بشكل متناغم". دعا برتلماوس الأول بالتالي إلى "رفع كل من يلمس مخاطر التغيرات المناخية صوته لإدانة ما يحدث والتفكير في ما يمكن القيام به"، وذلك "كي لا تزول الحياة بسبب الثراء" حسب ما جاء في إعلان الأمم المتحدة.

توقف بعد ذلك للحديث عن التزامه منذ فترة طويلة بتعريف مؤمني الكنيسة الأرثوذكسية والمهتمين بهذه القضية جميعا بالأخطار الناتجة عن الاستخدام المبالغ فيه لمصادر الطاقة، كما ذكّر بتربية مؤمني الكنيسة الأرثوذكسية على تعاليم آباء الكنيسة من أجل الاكتفاء بالضروري. تحدث هنا عن اختيار الزهد بدلا من الاستهلاكية، وأكد أن هذا لا يعني حرمان الذات بل يعني ترشيد الاستهلاك وإدانة الهدر والتبذير. وذكّر في هذا السياق برسالة القديس بولس الأولى إلى طيموتاوس حين قال: " فإذا كان عندنا قوت وكُسوة فعلينا أن نقنع بها" (1 طيم 6، 8). وخلال حديثه عن الهدر استرجع برتلماوس الأول كلمات يسوع المسيح عقب تكثير الخبز والسمك "اجمعوا ما فضل من الكِسَر لئلا يضيع شيء منها" (يو 6، 12). وأشار إلى ابتعاد عالم اليوم عن هذه التعاليم والوصايا واختياره الهدر والاستهلاك المبالغ فيه، لكنه أكد إمكانية تغيير هذه التصرفات مشيرا إلى أهمية التربية. ندمر نحن البشر الخليقة، حسب البطريرك المسكوني، بسبب "جشعنا وتشبثنا بكنوز الأرض التي نسعى دائما إلى إنمائها شأن الغني الغبي الذي يحدثنا عنه الإنجيل، بينما ننسى الروح القدس الذي نعيش فيه ونتحرك ونكون".

أشار البطريرك المسكوني بعد ذلك إلى الرسالة العامة "كن مسبَّحاً" للبابا فرنسيس والتي تحدث فيها عن النفايات قائلا: "إن الأرض، بيتنا المشترك، تبدو وكأنها تتحول، أكثر فأكثر، إلى مستودع هائل للقمامة" (21). وأضاف أن هذه النفايات ليست مادية فقط بل روحية أيضا تنبع من مشاعر الإنسان وانفعالاته. وواصل أن الكنيسة الأرثوذكسية مدعوة في هذا المجال إلى "عمل تبشيري ورسولي"، وذلك من خلال "إضاءة نور الإعلان الإنجيلي مجددا في عالم اليوم، وإيقاظ الطبيعة الروحية النائمة للإنسان الذي خضع للتجربة لمرات عديدة وبأشكال مختلفة، ونقْل رسالة رجاء وسلام وفرح حقيقي، رسالة سلام المسيح وفرحه".

ودعا بطريرك القسطنطينية المسكوني الجميع إلى "إيقاظ الأذهان والتحرر من الأفكار العاطفية والتصرف انطلاقا من المصالح الشخصية، وذلك للعيش في تناغم مع خليقة الله". ثم وجه نداء للصلاة مع القديس باسيليوس الكبير: "مبارك أنت يا رب، أنت الوحيد الذي تجدد كل يوم طبيعة أعمالك. مبارك أنت يا رب، خالق النور والظلام ومَن فصل أحدهما عن الآخر. مبارك أنت يا رب، يا من صنعت كل شيء وغيرته، فأبعدت ظل الموت وأظلمت النهار مجددا في الليل. مبارك أنت يا رب، يا من خلقت الإنسان على صورتك ومثالك، وصنعت النهار لعمل الخير والليل لراحة الطبيعة البشرية".

ثم ختم البطريرك المسكوني برتلماوس الأول: "هذه رسالتنا، هذه قناعتنا، هذا إرشادنا للجميع. فلنكن شأن ما علينا أن نكون، فلنقف بتخوف أمام خليقة الله".   








All the contents on this site are copyrighted ©.