2016-02-05 15:39:00

البابا فرنسيس: الله ينتصر بالتواضع!


"إن أسلوب الله ليس أسلوب البشر لأن الله ينتصر بالتواضع كما يُظهر لنا موت أعظم نبيّ يوحنا المعمدان الذي أعدّ الطريق للمسيح وتنحى جانبًا" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الجمعة في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.

استهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقًا من الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجية اليوم من القديس مرقس والذي يحدثنا فيه الإنجيلي عن يوحنا المعمدان وقال إن الأعظم بين الرجال، البار والقديس الذي كان يُعدّ الناس لوصول المسيح مات بعد أن قُطع رأسه في السجن إذ حكم عليه حقد ملكة تبحث عن الانتقام وجبن ملك ضعيف. ولكن هكذا ينتصر الله. يوحنا المعمدان الأعظم بين مواليد النساء كما يقول عنه يسوع. ذاك الرجل هو الرجل الأعظم المولود من امرأة، أعظم قدّيس كما يقول يسوع، انتهى في السجن وقُطع رأسه، والجملة التي ينتهي بها النص الذي سمعناه تبدو وكأنها استسلام: "وَبَلَغَ ٱلخَبَرُ تَلاميذَهُ، فَجاؤوا فَحمَلوا جُثَّتَهُ وَوَضَعوها في قَبر". هكذا انتهى هذا النبي العظيم، آخر الأنبياء والوحيد الذي تمكن من رؤية رجاء إسرائيل.

لم يتوقف البابا فرنسيس في عظته فقط عند ما تقدّمه لنا الأناجيل بل حاول أن يدخل إلى عزلة سجن يوحنا ليتفحّص نفس الصوت الذي صرخ في البريّة وعمّد باسم المسيح الآتي وهو الآن مُقيّد ليس فقط بسلاسل سجنه وإنما أيضًا بسلاسل الشك الذي كان يتآكله بالرغم من كل شيء. لقد تألّم في السجن، لكنّه كان يتعذّب أيضًا في داخله ويفكّر: لربما أكون قد أخطأت؟ هذا المسيح ليس كما كنت أتصوّر أنه ينبغي عليه أن يكون..." وأرسل تلاميذه يسألون يسوع: "أأنت الآتي أم ننتظر آخر؟" لأن الشك كان يتآكله ويعذّبه: "هل أخطأت في إعلان شخص ليس هو المنتظر؟ هل خدعت الشعب؟ يمكننا أن نتصور ألم ووحدة هذا الرجل الذي قال: "له ينبغي أن ينمو ولي أن أنقص"، ونقص في النفس والجسد وفي كل شيء.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول لقد كانت حياة يوحنا المعمدان نقصًا مستمرًّا، إنه رجل عظيم لم يبحث عن مجده وإنما عن مجد الله وأنهى حياته في الخفاء، وبموقفه هذا أعدّ الدرب ليسوع الذي بدوره أيضًا مات وحيدًا بدون تلاميذه. سيساعدنا اليوم أن نقرأ هذا المقطع من إنجيل القديس مرقس ونرى كيف ينتصر الله: إن أسلوب الله ليس أسلوب البشر. لنطلب من الرب نعمة التواضع الذي كان يتمتّع به يوحنا فلا ننسب لأنفسنا استحقاقات أو أمجاد الآخرين، لكن لنطلب بشكل خاص النعمة بأن يكون هناك على الدوام في حياتنا مكانًا لينمو فيه يسوع فننقص نحن حتى النهاية.








All the contents on this site are copyrighted ©.