2016-02-08 13:26:00

بحر مراحمك: عنوان رسالة الصوم لبطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي


"تحت عنوان "بحر مراحمك" وجه بطريرك السريان الكاثوليك صاحب الغبطة مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان رسالته لمناسبة الصوم الكبير لعام 2016، وقد استهلها قائلا "إنّ الصوم هو زمن التجدّد الروحي للدخول في سرّ المسيح الفادي، نموت معه لنحيا معه في قيامتنا من عبودية الخطيئة إلى حرّية أبناء الله. إنه استحضار لعيد الفصح وتجلّ تدريجي له، وهو فترة شوق وانتظار للقيامة المجيدة بفرح ورجاء كبيرين. يتميّز زمن الصوم هذا العام باقترانه بيوبيل سنة الرحمة الذي أعلنه قداسة أبينا البابا فرنسيس، ليضحي صومنا استجلابًا لبحر مراحم الله، فيغفر خطايانا ويحنو على ضعفنا البشري. الرحمة الإلهية هي قلب الكتاب المقدّس والكنيسة وتعاليمها، وقد أظهر الله عظمة محبّته ورحمته لنا بتأنّس كلمته الأزلية، في شخص يسوع ربّنا، الذي بموته وقيامته منح الحياة الأبدية لكلّ من يؤمن به: "بهذا قد عرفنا المحبّة أنّ ذاك قد بذل نفسه من أجلنا، فيجب علينا أن نبذل نفوسنا من أجل الإخوة" (1 يوحنا 3: 16) فيمكننا بتلك الثقة أن ننال رحمته".

ومما جاء في رسالة البطريرك يونان نقلا عن الموقع الإلكتروني لبطريركية السريان الكاثوليك: "بالاقتراب من يسوع والإتّحاد به يتمّ التجسّد الحقيقي للرحمة الإلهية، وبالثقة به يمكننا أن نختبر محبّة الله وسلامه. وأفضل تجلّ لهذا الإتّحاد يتمّ في الكنيسة، إذ هي "جسد المسيح" (1كورنثوس 12: 27)، ففي الكنيسة إعلان واضح وصريح عن رحمة الله. الكنيسة موزّعة الأسرار والنّعَم الإلهية، وهي المصلّية من أجل الجميع، والرائدة للكثير من المشاريع الخيّرة للعالم بأسره. وفي الكنيسة، نلتقي أمّ الكنيسة وأمّ الرحمة، مريم العذراء والدة الإله والنور والخلاص لجميع الناس، والشفيعة لنا أجمعين أمام عرش الرحمة الإلهية. تظهر رحمة الله في حياتنا اليومية وتكتمل في علاقاتنا مع بعضنا البعض، فهي يجب أن تكون بالفعل لا بالقول فقط، إنها التزام نحياه مع الله ونعكسه على علاقتنا بالذات والقريب في كلّ وقت وحين".

وتابع البطريرك يونان "في زمن الصوم المقدّس، وفي هذه السنة المكرّسة سنة يوبيلية للرحمة الإلهية، تتوجّه أنظارنا إلى أبناء وبنات لنا يعانون الألم والخوف والقلق إزاء المستقبل، وذلك من جراء لامبالاة الدول الكبرى وأصحاب القرار، ممّا جعل الوجود المسيحي في أرض الآباء والأجداد مهدَّداً بخطر الاضمحلال والزوال. إنّ الكنيسة مدعوّة في هذا اليوبيل، كما كلّ واحد وواحدة منّا، إلى التضامن والصلاة من أجل هؤلاء الذين يعانون هول الحروب والمآسي والنكبات، في بلدان الشرق عامةً، وبخاصة في سوريا والعراق، كي يداوي الرب جراحهم بزيت العزاء، ويضمّدها برحمته. لذا يقع على عاتقنا جميعًا واجب التعاضد معهم وإيلائهم العناية الضرورية، سيّما النازحين والمهجّرين الذين يعيشون بيننا. إنّنا نرفع التضرّع والابتهال، متشاركين مع قداسة البابا فرنسيس، وجميع الرعاة الروحيين، وكلّ أصحاب النيّات الحسنة، إلى الرب يسوع، بحر المراحم، كي يبسط أمنه وسلامه في العالم كلّه، وبخاصة في شرقنا المعذّب. فتعود الطمأنينة إلى القلوب، مع الاستقرار والعيش الكريم الآمن، بروح المحبّة والألفة والتضامن. كما لا يمكننا أن نتغافل في زمن الصوم عن مدّ يد المساعدة لكلّ فقير ومحتاج في جماعتنا الكنسية، ليشعروا بدفء مؤازرتنا وحرارة صداقتنا وأخوّتنا. ومن هنا، نشجّع كلّ المبادرات الإنسانية الفردية والجماعية، مثمّنين كلّ عمل تضامن، إن بالصلاة أو بالسند المعنوي، أو بممارسة أعمال الرحمة والإحسان."

وختم البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان رسالته قائلا:"  خير ما نختم به رسالتنا هذه، دعوة قداسة البابا فرنسيس لنا في رسالته التي وجّهها بمناسبة زمن الصوم لعام 2016، بعنوان "إنّما أريد الرحمة لا الذبيحة"، إذ يؤكّد قداسته التلاحم والتكامل بين رحمة الله وزمن الصوم:" لِنَعِش زمن الصوم في هذه السنة اليوبيلية بزخم أكبر كفرصة ملائمة للاحتفال برحمة الله واختبارها... إنّ رحمة الرب هي بالحقيقة بشرى للعالم، وكلّ مسيحي هو مدعو كي يختبر هو أوّلاً هذه البشرى... رحمة الله تبدّل قلب الإنسان وتجعله يختبر حبّاً صادقاً، وتجعل منه إنساناً قادراً بدوره على الرحمة". ويدعونا قداسته في نهاية رسالته "ألا نترك زمن الصوم المناسب للتوبة يمرّ سدىً".








All the contents on this site are copyrighted ©.