2016-06-24 14:52:00

زيارة البابا إلى أرمينيا: كلمة البابا في الكاتدرائية الأرمنية الرسولية في إشمئدزين


غادر البابا فرنسيس روما صباح الجمعة متوجها إلى أرمينيا في زيارة رسولية هي الرابعة عشرة خارج الأراضي الإيطالية. وقد وصلت الطائرة البابوية إلى مطار يريفان الدولي حيث كان في استقباله كبار المسؤولين المدنيين والدينيين يتقدمهم رئيس البلاد سيرج سركيسيان والكاثوليكوس كاراكين الثاني. في أعقاب مراسم الاستقبال الرسمي توجه البابا فرنسيس إلى الكاتدرائية الأرمنية الرسولية في إشمئدزين يرافقه الكاثوليكوس كاراكين الثاني حيث قام الرجلان بتلاوة صلاة مأخوذة من سفر المزامير. وألقى البابا خطابا عبر في مستهله عن تأثره لزيارة هذا الصرح المقدس الذي يشهد على تاريخ الشعب الأرمني، ويشكل في الوقت نفسه منارة للروحانية. هذا ثم حيا البابا الكاثوليكوس كاراكين الثاني على الدعوة التي وجهها له لزيارة إشمئدزين، وخص بالذكر أيضا رؤساء الأساقفة وأساقفة الكنيسة الرسولية الأرمنية.

هذا ثم قال البابا إنه يرفع الشكر للرب على نور الإيمان الذي أضيء في تلك البقاع، هذا الإيمان الذي أضفى على الأمة الأرمنية هويتها الخاصة وجعلها رسولة للمسيح وسط الأمم كافة. ولفت فرنسيس إلى أنه ينحني أمام رحمة الرب الذي شاء أن تصبح أرمينيا أول أمة تعانق المسيحية وذلك بدءا من العام 301، في وقت كان فيه الاضطهاد منتشرا في الإمبراطورية الرومانية آنذاك. وذكّر البابا بأن الإيمان المسيحي كان بالنسبة لأرمينيا واقعا مؤسِّسا لهويتها، وهبة كبيرة جدا تُقبل بفرح وتُصان بالتزام وحزم، كما قال البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في رسالته الرسولية لمناسبة الذكرى المؤية الـ17 لعماد الشعب الأرمني عندما أكد أنه مع عماد الأمة الأرمنية أبصرت النور هوية جديدة أصبحت مكونا أساسيا لها. وطلب البابا فرنسيس من الرب أن يبارك الشعب الأرمني على شهادة الإيمان النيرة التي قدمها.

بعدها عبّر البابا عن امتنانه للرب على المسيرة المشتركة بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الرسولية الأرمنية، وأصبحت هذه المسيرة واقعا من خلال الحوار الصادق والأخوي، وترمي إلى بلوغ الشركة التامة حول المائدة الإفخارستية. وسأل البابا الروح القدس أن يمنح الكنيستين عطية تحقيق الوحدة كي يكون تلاميذ الرب واحدا وكي يؤمن العالم. وأشاد أيضا بالدفع القوي الذي قدمه للحوار المسكوني بين الكنيستين الكاثوليكوس فاسكين الأول والكاثوليكوس كاراكين الأول فضلا عن البابوات من يوحنا الثالث والعشرين وصولا إلى بندكتس السادس عشر. وتوقف البابا في خطابه عند أبرز المحطات التي طبعت مسيرة التقرب بين الكنيستين ومن بينها الاحتفال بشهود الإيمان في القرن العشرين، والإعلان المشترك بين البابا يوحنا بولس الثاني والكاثوليكوس كاراكين الثاني الذي وُقع في إشمئدزين، فضلا عن مختلف الزيارات التي قام بها الكاثوليكوس إلى الفاتيكان في مناسبات عدة.

بعدها تطرق البابا إلى الانقسامات والصراعات التي يعاني منها عالمنا، فضلا عن الأشكال الخطيرة للفقر المادي والروحي، بما في ذلك استغلال الأشخاص، حتى الأطفال والعجزة، ولفت إلى أن عالمنا ينتظر من المسيحيين شهادة للتقدير المتبادل والتعاون الأخوي الذي يُظهر للجميع قوة وحقيقة قيامة الرب من بين الأموات.

وشدد البابا في هذا السياق على أهمية الالتزام الصبور والمتجدد للعمل من أجل الوحدة التامة، وتعزيز المبادرات المشتركة والتعاون بين مختلف تلامذة الرب من أجل تحقيق الخير العام، معتبرا أن الروح المسكوني يكتسب قيمة مثالية حتى خارج النطاق المرئي للوحدة الكنسية، ويشكل بالنسبة للجميع دعوة ملحة للحوار وتثمين ما يوحّدهم. وأشار فرنسيس في هذا السياق إلى أن أناس اليوم هم بأمس الحاجة إلى شهادة مقنِعة على أن المسيح حي وفاعل وقادر على فتح دروب جديدة للمصالحة بين الأمم والحضارات والأديان.

في ختام خطابه أكد البابا أنه عندما يكون تصرفنا مستوحى من قوة محبة المسيح ينمو التعارف والتقدير المتبادل وتخلق ظروف أفضل لمسيرة مسكونية مثمرة وتُقدم للعالم درب تؤدي إلى تخطي الصراعات التي تمزّق الحياة المدنية وتولّد انقسامات يصعب التخلص منها. هذا ثم سأل البابا الله أن يبارك الجميع بشفاعة القديسة مريم والقديس غريغوريوس المنوِّر، والقديس غريغوريوس ناريك ملفان الكنيسة وأن يمكّن الأمة الأرمنية من الحفاظ على الإيمان الذي ورثته من الآباء وشهدت له على مر العصور.      

 








All the contents on this site are copyrighted ©.