2017-02-21 11:48:00

خطاب البابا فرنسيس إلى المشاركين في أعمال المنتدى الدولي للهجرة والسلام


استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم الثلاثاء في الفاتيكان المشاركين في أعمال المنتدى الدولي للهجرة والسلام حول موضوع "الاندماج والنمو: من ردة الفعل إلى الفعل". وجه البابا لضيوفه خطابا مسهبا استهله مرحبا بهم ومعربا عن سروره للقائهم وذكّرهم بأهمية الاندماج والتنمية بالنسبة للمهاجرين وهذا ما دفعه إلى إنشاء الدائرة الفاتيكانية لخدمة التنمية البشرية المتكاملة والتي تحتوي على قسم يُعنى خصيصا بشؤون المهاجرين واللاجئين وضحايا الاتجار بالبشر. بعدها تحدث البابا عن ظاهرة الهجرة التي ليست حديثة في تاريخ البشرية لأنها طبعت كل حقبة وعززت التلاقي بين الشعوب وساهمت في ولادة حضارات جديدة. وذكّر بأن بداية هذا الألف الثالث مطبوعة بحركات الهجرة التي تعني كل مناطق الكرة الأرضية، لافتا إلى أن هذه الهجرة تكون قسرية في غالب الأحيان وتحصل لأسباب مرتبطة بالصراعات المسلحة، الكوارث الطبيعية، الاضطهاد، التبدلات المناخية، العنف، الفقر المدقع وعدم توفر ظروف العيش الكريم.

هذا ثم أكد البابا أن هذه الظاهرة، وإزاء السيناريو المعقد الذي يعيشه عالمنا اليوم، تطرح تحديات كبيرة أمام عالم السياسة والمجتمع المدني والكنيسة، مشيرا إلى ضرورة أن يُلاقى المهاجرون بالضيافة والحماية والتنمية والاندماج. وحذّر فرنسيس من مغبة الانجرار وراء الأنانيات ونزعات الديماغوجية الشعبوية لافتا إلى أن الوضع يتطلب تبدلا في المواقف من أجل تخطي اللامبالاة وتقديم حسن الاستقبال للأشخاص الذين يقرعون الباب. كما لا بد من تقيم المساعدة ـ بنوع خاص ـ للأشخاص الذين يهربون من الحروب والاضطهاد وغالبا ما يقعون ضحية شبكات الجريمة المنظمة. وذكّر البابا بأن برامج الضيافة والاستقبال والتي تطبق في العديد من المناطق تسهل اللقاء الشخصي وتسمح في تحسين نوعية الخدمة وتضمن النجاح!  

بعدها شدد البابا فرنسيس على ضرورة الدفاع عن حقوق المهاجرين أي ملايين العمال ـ ومن بينهم أشخاص يقيمون بشكل غير شرعي ـ فضلا عن طالبي اللجوء وضحايا الاتجار بالبشر كما لا بد من ضمان الحريات الأساسية لهؤلاء الأشخاص واحترام كرامتهم. وهذا الأمر يتطلب وضع أدوات قانونية، على الصعيدين الدولي والوطني، واتخاذ خيارات سياسية عادلة وبعيدة النظر وتبني إجراءات فاعلة للتصدي لمن يتاجرون بالكائنات البشرية. هذا ثم انتقل البابا إلى الحديث عن أهمية تعزيز نمو بشري متكامل وسط المهاجرين واللاجئين والنازحين، مذكرا بأن النمو ـ وفقا لعقيدة الكنيسة الاجتماعية ـ يشكل حقا غير قابل للتصرف بالنسبة لكل كائن بشري. وعملية التنمية هذه تتطلب مشاركة كل مكونات المجتمع: الطبقة السياسية، المجتمع المدني، المنظمات الدولية والمؤسسات الدينية.

وفي سياق حديثه عن الاندماج شدد البابا فرنسيس على أن هذا المبدأ يرتكز أساسا إلى الاعتراف المتبادل بالغنى الثقافي لدى الآخرين، لا إلى فرض ثقافة على حساب ثقافة أخرى. كما يتعين على الوافدين ألا ينغلقوا على ثقافتهم ويبقوا منعزلين عن ثقافة وتقاليد البلد المضيف ومن واجب السلطات أيضا أن تضع سياسات تسهل عملية لم شمل العائلات لأن الاندماج ينبغي أن يعني الأسرة برمتها. ولم يخلُ خطاب البابا من الإشارة إلى أهمية تطبيق العدالة في عالمنا اليوم معتبرا أنه لا يجوز أن تتحكم قلة قليلة بنصف موارد الأرض. وأشار أيضا إلى ضرورة الالتزام بالقيم والمبادئ التي نصت عليها الشرعة العالمية لحقوق الإنسان والمعاهدات والاتفاقات الدولية ذات الصلة، مذكرا بأن كل شخص مهاجر هو كائن بشري لديه حقوق أساسية غير قابلة للتصرف لا بد من حمايتها في جميع الظروف.  

هذا ثم تطرق البابا إلى أهمية مبدأ التضامن خصوصا إزاء المآسي التي يعيشها العديد من المهاجرين واللاجئين شأن الحروب والاضطهادات والتعديات والعنف والموت. وأكد أن هذا التضامن يولد من القدرة على تفهّم احتياجات الأخوة والأخوات الذين يعانون من الصعوبات والاهتمام بهم. في الختام شدد البابا على ضرورة إيلاء اهتمام خاص بالأطفال والمراهقين المرغمين على ترك أرضهم والابتعاد عن ذويهم، مذكرا بأنه خصص لهؤلاء رسالته الأخيرة لمناسبة اليوم العالمي للمهاجر واللاجئ.    








All the contents on this site are copyrighted ©.