2017-02-24 15:14:00

رسالة الصوم للبطريرك الماروني: صلاة وصوم وصدقة


وجه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رسالته لزمن الصوم الكبير 2017 استهلها بالقول "صلاة وصوم وصدقة ثلاثة متلازمة ومترابطة، تقود مسيرتنا نحو ملكوت الله، المتجلّي في السرّ الفصحي، سرّ موت المسيح لفدائنا من خطايانا، وسرّ قيامته من بين الأموات لتقديسنا بالحياة الجديدة (راجع 2كور5: 17). وقد عبّرَ القديس أغوسطينوس عن هذا التّرابط المثلّث بالقول: "أتريد أن تصعد صلاتك إلى السّماء، فامنحها جناحَين، هما الصّوم والصّدقة". ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية، أضاف غبطته يقول "يكتسبُ زمن الصّوم الكبير بُعدًا كنسيًّا جديدًا لأنّه يندرج في "سنة الشّهادة والشهداء"، التي ابتدأت في عيد أبينا القدِّيس مارون (9 شباط 2017)، وتنتهي في 2 آذار 2018، عيد أبينا القدّيس يوحنا مارون البطريرك الأوّل. تتألّف هذه الرسالة الراعويّة من قسمَين: الأوّل مفهوم الصّوم وأبعاده وثماره في ضوء الكتاب المقدّس؛ والثاني توجيهات لممارسة الصّوم والقطاعة".

ومما جاء في رسالة البطريرك الماروني: "الغاية من الصّوم إعداد الذّات للعبور مع المسيح الربّ في فصحه، من حالة الخطيئة إلى حالة النّعمة، "من الإنسان العتيق إلى الإنسان الجديد" كما يُسمِّيه بولس الرّسول (كول 3: 9-10). أليست الطّبيعة، من بعد أن تجرّدت أشجارها من عتيق أغصانها وورقها، تدخلُ زمن الرّبيع لتلبس ثوبًا جديدًا، وتزهر لكي تعطي ثمارها لحياة البشر؟ كم نحنُ بالحريّ أفضل منها (راجع متى 6: 26(...الصّوم وسيلة للإنتصار على الشّيطان والجسد والأهواء الرّديئة. فالربّ يسوع انتصرَ بصيامه على تجارب الشّيطان الثلاث، الذي حاول إغراءه للسّقوط في شهوات العالم التي يختصرها يوحنا الرّسول بثلاث (راجع 1 يو 2: 16): شهوة الجسد بتجربة تحويل الحجارة إلى خبز بقوّة يسوع الإلهيّة، وشهوة العين بتجربة الحصول على جميع ممالك الدّنيا ومجدها، وكبرياء الحياة بتجربة رمي يسوع ذاته من أعلى جناح الهيكل، فيحمله الملائكة على أكفّهم لئلّا تصطدم رجله بحجر (راجع متّى 4: 1-11). وهكذا ترك لنا "الرّبّ قدوةً في ذاته" (1بطرس 2: 21)، لكي نسيرَ بالصّوم نحو الملكوت وننتصر على تجارب الحياة، كما يوصي القدّيس مكاريوس الكبير: "صوموا مع المخلّص لتتمجّدوا معه وتغلبوا الشّيطان".

أضاف البطريرك الراعي يقول: "الصّوم والصلاة والصّدقة شريعة إنجيليّة دعا إليها الرّبّ يسوع في إنجيل القدّيس متّى (6: 1-16)، كتعبير عن التوبة الداخليّة، وارتداد القلب إلى الله، والرجوع عن الخطيئة. وإلا أضحت هذه الأفعال الخارجيّة عقيمة وكاذبة. هي التّوبة الدّاخليّة التي تدفع إلى التّعبير عنها بعلامات وأفعال ومبادرات. إنّ ارتداد القلب هو في البداية عمل نعمة من الله تُرجع قلوبنا إليه، كما اعتادَ أن يُصلّي الأنبياء: "أردُدْنا إليكَ يا ألله، فنرتدّ" (مراثي5: 21). فالله يعطينا القوّة لنبدأ من جديد. عندما نكتشف عظم محبّة الله، يضطرب قلبنا من هول الخطيئة وثقلها، فنخشى الإساءة إليه والإبتعاد عنه (كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 1432(... يشكّل زمن الصّوم الكبير فترة مهمّة من أزمنة السنة الطقسيّة، لأنّه يشكّل زمن تصحيح العلاقات باتّجاهات ثلاثة: مع الله بالصّلاة، ومع الذّات بالصّوم، ومع الإخوة المحتاجين بالصّدقة".

وفي ختام رسالته لزمن الصوم، قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي: "يكتسب زمن الصوم الكبير بُعدًا إضافيًّا في "سنة الشّهادة والشُّهداء". فهو موسم إداء الشهادة لإيماننا المسيحي من خلال توبة القلب الظاهرة خارجيًّا في الصوم والصلاة والصدقة. لكنّها تظهر أيضًا في الجديد من مسلكنا وتصرفاتنا وطرق تعاملنا مع الناس، وفي القيام بالواجب وممارسة المسؤوليّة. كتب مار افرام السرياني عن صوم موسى: "لقد صام فاستنار وصلَّى فانتصر. صعد بلون ونزل بلون آخر. صعد بلون أرضي ونزل لابسًا بهاءً سماويًّا. كان له صومه بهجة، وصلاته ينبوع ماء حيّ. وهو رجل الفطنة، وصومه صوم غفران". "بمثل هذا الصوم ننطلق لنشهد لإيماننا ونبني مجتمعًا قائمًا على القيم الإنجيليّة والأخلاقيّة والإنسانيّة، بشفاعة أمّنا مريم العذراء وأبينا القدِّيس مارون".








All the contents on this site are copyrighted ©.