2017-04-15 13:45:00

رسالة الفصح للبطريرك الماروني


تحت عنوان "دحرجة الحجر"، وجه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رسالة الفصح 2017، وقال فيها "أجل! المسيح قام! حقًا قام! هذا هو أساس إيماننا ورجائنا. هذا هو عيدنا، عيد قيامة قلوبنا من موت الخطيئة والحزن واليأس، ومن موت الحقد والبغض والعداوة. إنّه عيد ثمار الفداء والحياة الجديدة. فيسعدني أن أهنّئكم بعيد قيامة المسيح وقيامة قلوبنا، أيّها الحاضرون والسّامعون والمشاهدون، عبر وسائل التواصل الإجتماعي وتقنيّاتها الحديثة. لكم التّهاني القلبيّة مع أطيب التمنيات، يا إخواني السّادة المطارنة، ولجميع أبناء أبرشيّاتكم وبناتها في لبنان والنّطاق البطريركي وبلدان الإنتشار؛ ولكم، يا قدس الرؤساء العامّين والرّئيسات العامّات الّذين تُحيون هذا اللّقاء والصلاة ككلّ سنة، ويا سائر الرهبان والرّاهبات في الأديار والمؤسّسات والرسالات؛ ولكم أيّها الحاملون جراح المسيح في أجسادكم ونفوسكم وأرواحكم، أنتم أيُّها المرضى والمعوَّقون، وأيّها الجائعون والفقراء والمحرومون من حقوقهم الأساسيّة والعيش الكريم".

ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية، أضاف غبطته يقول "ولكم بشرى القيامة وثمارها المرجوّة، يا ضحايا الحروب الدّائرة في سوريا والعراق وفلسطين واليمن وليبيا وسواها، المطرودون من بيوتكم وأراضيكم والمظلومون والمشرَّدون على طرقات العالم. فأنتم الضحايا البريئة لحروب الكبار الّذين يفرضونها عليكم من أجل مكاسبهم الإقتصاديّة والإستراتيجيّة والسّياسيّة، ومن أجل التّجارة بأسلحتهم، جاعلين من مدنكم الزاهرة ومكتسباتكم الحضارية وأوطانكم المحبوبة وشعبكم الأبيّ حقول تجارب لقدرات أسلحتهم الهدّامة والمتطوّرة، تحت شعارات كاذبة واتّهامات افترائيّة، ووعود برّاقة تتبخّر في سراب الحروب المتجدّدة فصولاً وأنواعًا وأمكنة، مخالفين القوانين الدّوليّة، ومنتهكين شريعة الله النّاهية عن القتل وعن استباحة حياة الإنسان والتعدّي عليها في الجسد والروح والحقوق الأساسيّة، وخانقين صوت الضمير، وهو صوت الله في داخلهم، وجاعلين قلوبهم من حجر".

وتابع البطريرك الماروني رسالة الفصح قائلا: "ولكم عزاء المسيح القائم من الموت، أيّها الإخوة الأقباط، ضحايا الاعتداءَين الوحشيَّين والجبانَين عليكم وأنتم تصلّون في أحد الشعانين بحضرة الله، في كنيسة مار جرجس بطنطا، وفي الكنيسة المرقسيّة بالإسكندريّة. ونشكر الله معكم على نجاة رأس كنيستكم وأبيها قداسة البابا تواضروس. إنّنا روحيًّا بقربكم يا مسيحيّي مصر وبقرب أهالي شهداء الإيمان الذين سقطوا من بينكم، متضامنين في ألمكم وصمودكم، ومصلّين، كي يقبل اللهُ قرابينَهم مع قربان ذبيحة ابنه الخلاصيّة، التي أحييناها بالأمس، فتكون لفداء مصر العزيزة وشعبها، ولارتداد الأشرار ومستعمليهم الكبار الأجرم منهم. وإنّنا اجتماعيًّا ووطنيًّا ندين ونرفض هذا الاضطهاد السافر الشبيه بعملية صيد، والمتكرّر بشكل مبرمج، لإخواننا المسيحيّين في مصر، ونطالب المسلمين والدول الإسلاميّة اتّخاذ مواقف جامعة ومبادرات فعليّة لردع هذا الاضطهاد، وحفظ صورة الإسلام الإيجابيّة". ومما جاء في رسالة الفصح للبطريرك الماروني "إنّنا جميعًا ندين كلّ أنواع الحروب والاضطهادات والإعتداءات. فلا من مبرّر لها، ولا من منطق يؤيّدها. بل إنّها وصمة عار على جبين الأسرة الدّوليّة، من دول كبرى ودول تابعة لها ولسياساتها، يطبعها انعدام الإرادة الحسنة عندها لوضع حدّ للحروب والاعتداءات الجائرة والهدّامة، ولإيجاد حلول سياسيّة وديبلوماسيّة للنزاعات، ولإرساء الأسس الكفيلة بإحلال سلام عادل وشامل ودائم في منطقتنا المشرقيّة".

وقال البطريرك الراعي في رسالة الفصح 2017 "إنّ رسالتنا الفصحيّة هذه موجَّهة أيضًا إلى الجماعة السياسيّة عندنا في لبنان، مهنِّئين بالعيد، وراجين أن يعبروا مع "فصح" المسيح إلى نمط حياة جديدة، في حياتهم الخاصّة وحياتهم العامّة، لكي يمكّنوا المواطن اللّبناني من "العبور" إلى حالة وطنيّة واقتصاديّة واجتماعيّة ومعيشيّة أفضل. لكن باب عبورهم هو "الخروج" من أسر ذواتهم وحساباتهم الصغيرة ومصالحهم الضيِّقة، المؤمَّنة على حساب الذات اللبنانيّة والصالح العام للدولة ومؤسّساتها وشعبها. لا تستطيع الجماعة السياسية عندنا مواصلة تقاسم مقدّرات البلاد والمناصب والمال العام في ما بين مكوِّنات هذه الجماعة، وفقًا لقدرات النافذين فيها، وتعطيل كلّ شيء عند خلافاتهم التقاسميّة، تحت ذريعة قاعدة التوافق، غير آبهين بالأضرار الجسيمة التي تلحق بالمؤسّسات العامّة وبالشعب. عيد الفصح، الذي يعني العبور، يدعوهم للعبور إلى حقيقة مفهوم الميثاق الوطني، وأبعاد العيش المشترك، وروح الدستور ونصّه؛ وإلى حماية هذه الأركان الوطنيّة الثلاثة التي تميّز لبنان. ويدعوهم للعبور إلى ممارسة العمل السياسي واستعمال السلطة الشرعيّة، بالشكل الفنّي الجميل، القائم على تنظيم الحياة العامّة في مقتضياتها اليوميّة ومتفرّعاتها؛ وتنظيم الدولة في نشاطها الداخلي، إدارةً وأجهزةً وتخطيطًا وتحقيق مشاريع تنمّي ميادين الاقتصاد والاجتماع والتشريع والثقافة، وفي نشاطها الخارجي بعلاقاتها البنّاءة مع الدول وإبرام الاتفاقيّات العمرانيّة معها؛ وتعزيز محبّة الوطن، بقيمه وتراثه وحضارته ودوره في الأسرتَين العربيّة والدوليّة، في نفوس أبنائه وشبابه، وتحقيق آمالهم وتطلّعاتهم وإزالة هواجسهم، ودرء ما يتهدّدهم من أخطار اليوم وغدًا. هذه هي تهانينا وتمنياتنا للجميع، مقرونةً بصلواتنا إلى المسيح المنتصر على الخطيئة والشّر والموت، هاتفينالمسيح قام! حقًّا قام!"

 








All the contents on this site are copyrighted ©.