2017-05-17 12:54:00

البابا فرنسيس: كل إنسان هو قصّة حب يكتبها الله على هذه الأرض


أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس واستهلَّ تعليمه الأسبوعي بالقول سيتمحور تأملنا خلال هذه الأسابيع حول السرّ الفصحي. ونلتقي اليوم بالتي، وبحسب الأناجيل، كانت أول من التقى بيسوع  القائم من الموت: مريم المجدليّة.

تابع الأب الأقدس يقول في ذلك الفجر المفعم بالحزن ذهبت النساء إلى قبر يسوع يحملن الطيوب، وأولى الواصلات كانت مريم المجدليّة، إحدى التلميذات اللواتي رافقن يسوع حتى الجليل ووضعن أنفسهنّ في خدمة الكنيسة الناشئة. في مسيرتها نحو القبر تنعكس أمانة العديد من النساء اللواتي، ولسنوات، يزرنَ المقابر لتذكّر شخص قد فارقهنَّ. فالروابط الحقيقيّة لا يكسرها حتى الموت لأنّ هناك من يثابر في الحب حتى إن غاب المحبوب إلى الأبد.

أضاف الحبر الأعظم يقول يصف الإنجيل مريم المجدليّة ويسلّط الضوء فورًا على أنّها لم تكن امرأة سريعة الحماسة. في الواقع، وبعد الزيارة الأولى إلى قبر يسوع عادت يائسة إلى حيث كان الرسل مختبئين وأخبرتهم أنّ الحجر قد أُزيلَ عنِ القَبر، ونظريّتها هي الأبسط التي يمكن صياغتها: أحدهم قد أخذ جسد يسوع وبالتالي فأوّل إعلان حملته مريم لم يكن إعلان القيامة وإنما إعلان سرقة قام بها مجهولون فيما كان الجميع في أورشليم نيامًا.

تابع البابا فرنسيس يقول تخبرنا الأناجيل بعدها عن زيارة ثانية للمجدليّة لقبر يسوع. ولكن خطواتها كانت هذه المرّة بطيئة ومُثقَّلة، لقد كانت مريم تتألّم لسببين: بسبب موت يسوع أولاً وثانيًا بسبب اختفاء جسده الذي لا يمكن تفسيره. وفيما كانَت واقِفَةً عِندَ القَبرِ في خارجِه تَبكي فاجأها الله بطريقة لم تكن تتوقّعها. يسلّط الإنجيلي يوحنا الضوء على إصرارها على عدم الرؤية: فهي لا تتنبّه لحضور الملاكين اللذين خاطباها ولا للرجل الذي كان واقفًا وراءها والذي ظنّت أنّه البستاني، ولكنّها اكتشفت الحدث الأروع في التاريخ البشري عندما سمعت من يناديها باسمها: "مريم!".

أضاف الأب الأقدس يقول ما أجمل أن نفكّر أن الظهور الأول للقائم من بين الأموات تمَّ بهذا الشكل الشخصي! وبأنَّ هناك من يعرفنا ويرى ألمنا ويأسنا ويتأثّر من أجلنا ويدعونا باسمنا. إنها شريعة محفورة في صفحات عديدة من الإنجيل، نجد حول يسوع أشخاصًا كثيرين يبحثون عن الله، لكن الحقيقة الرائعة هي أن الله يهتم لحياتنا ويريد أن يرفعها وليقوم بذلك هو يدعونا باسمنا ويعترف بفرادة كل شخص منا، لأن كل إنسان هو قصّة حب يكتبها الله على هذه الأرض. كل شخص منا هو قصّة حب يكتبها الله، والله يدعو كلٌّ منا باسمه: هو يعرفنا بأسمائنا وينظر إلينا ويغفر لنا ويصبر علينا. وجميعنا قد اختبرنا هذا الأمر.

تابع البابا فرنسيس يقول دعاها يسوع قائلاً: "يا مريم!"، اسم تردَّد صداه في بستان القبر الفارغ وبه بدأت ثورة حياتها، ثورة تهدف لتحويل حياة كل رجل وامرأة. تصف الأناجيل لنا فرح مريم: قيامة يسوع ليست فرحًا يُعطى بالقطّارة بل شلال يغمر الحياة بأسرها. الحياة المسيحيّة ليست منسوجة بالسعادة السهلة وإنما بأمواج تقلب كلّ شيء. حاولوا أن تفكّروا، في هذه اللحظة، أنتم أيضًا بحقيبة اليأس والفشل التي يحملها كل فرد منا في قلبه وبأنّ هناك إله قريب منا ويدعونا باسمنا ويقول لنا: "قُم وكفاك بكاء لأنني جئت لأحرّرك!". فيسوع ليس شخصًا يتأقلم مع العالم ويسمح بأن يقيم فيه الموت والحزن والحقد والإنحلال الأخلاقي... إلهنا ليس جامدًا؛ إلهنا – اسمحوا لي أن أقولها – حالم وهو يحلم بتغيير العالم وقد حقق ذلك في سرّ القيامة.

وختم الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي بالقول لقد أرادت مريم أن تعانق ربّها، لكنه وإذ كان موجّهًا نحو الآب السماوي، أرسلها لتحمل البشرى للإخوة. وهكذا أصبحت تلك المرأة، التي كانت فريسة الشرير قبل أن تلتقي بيسوع، تلميذة جديدة ورجاء كبيرًا. لتساعدنا شفاعتها كي نعيش نحن أيضًا هذه الخبرة: أن نسمع، عند ساعة البكاء والترك، يسوع يدعونا باسمنا فننطلق بقلوبنا المملوءة فرحًا لنعلن نحن أيضًا: " قد رأيتُ الرَّبّ!" 








All the contents on this site are copyrighted ©.