2017-06-29 13:25:00

البابا يحتفل بالذبيحة الإلهية في عيد القديسين بطرس وبولس


ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الخميس القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان بمناسبة الاحتفال بعيد القديسين الرسولين بطرس وبولس، منح خلاله درع التثبيت عددا من رؤساء الأساقفة الجدد وعاونه فيه الكرادلة الجدد الذين أعلنهم أمس في الكونسيستوار العادي العام وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة استهلها بالقول: تقدّم لنا الليتورجيّة اليوم ثلاث كلمات جوهريّة لحياة الرسول: الاعتراف والاضطهاد والصلاة.

تابع الأب الأقدس يقول الاعتراف هو اعتراف بطرس في الإنجيل، عندما تحول سؤال الرب العام إلى سؤال خاص. في الواقع سأل يسوع أولاً: "مَنِ ٱبنُ ٱلإِنسانِ في قَولِ النّاس؟" ومن هذا الاستقصاء ظهر أنّ جزءًا كبيرًا من الناس يعتبر يسوع نبيًّا، عندها طرح يسوع سؤالاً حاسمًا للرسل: "وَمَن أَنا في قَولِكُم أَنتُم؟" فأجاب بطرس وقال: "أَنتَ ٱلمَسيحُ ٱبنُ ٱللهِ ٱلحَيّ"؛ هذا هو الاعتراف: الاعتراف بيسوع المسيح المنتظر الإله الحي!

أضاف الحبر الأعظم يقول هذا السؤال الحيوي يوجّهه يسوع اليوم لنا جميعًا وبشكل خاص لنا نحن الرعاة. إنّه السؤال الحاسم والذي لا تصلح أمامه الأجوبة الظرفيّة لأنّه يطال الحياة: وسؤال الحياة يطلب جواب حياة. وبالتالي ماذا ينفعنا أن نعرف جميع بنود الإيمان إن لم نعترف بيسوع ربًّا على حياتنا. واليوم هو ينظر في أعيننا ويسألنا: "من أنا بالنسبة لك؟". كمن يسأل: "هل أنا ربُّ حياتك، واتجاه قلبك ودافع رجائك وثقتك الثابتة؟" ومع القديس بطرس نجدّد اليوم أيضًا خيار حياتنا كتلاميذ ورسل.

تابع الأب الأقدس يقول لنسأل أنفسنا إن كنا "مسيحيي صالونات" نثرثر حول ما يحصل في الكنيسة والعالم أم أننا رسل يسيرون ويعترفون بيسوع بواسطة حياتهم لأنّهم يحملونه في قلوبهم. من يعترف بيسوع يعرف أنّه مدعوٌّ لبذل حياته، يعرف أنّه لا يمكن لإيمانه أن يكون فاترًا بل هو مدعو ليتَّقد بالمحبّة. من يعترف بيسوع يتصرّف على مثال بطرس وبولس: يتبعه حتى النهاية ويتبعه على دربه، درب الحياة الجديدة والفرح والقيامة، الدرب التي تمر عبر الصليب والاضطهادات.

أضاف البابا فرنسيس يقول وهذه الكلمة الثانية الاضطهادات. لم يهرق بطرس وبولس فقط دماءهما في سبيل المسيح وإنما تعرّضت الجماعة الأولى بأسرها للإضطهادات كما يذكّرنا كتاب أعمال الرسل. واليوم أيضًا وفي مناطق مختلفة من العالم وأحيانًا في جو صامت يتعرّض العديد من المسيحيين للتهميش والتمييز والعنف وغالبًا بدون الالتزام الواجب لمن بإمكانه أن يفرض احترام حقوقهم المشروعة. أريد أن أسلّط الضوء على ما يؤكِّده بولس الرسول كما يكتب: "هاءَنَذا أُعَدُّ قُرْبانًا لِلرَّبّ"، لقد كانت حياته المسيح وبالتحديد المسيح المصلوب الذي بذل حياته من أجله. هكذا وكتلميذ أمين تبع بولس المعلّم وبذل حياته. بدون الصليب لا وجود للمسيح، ولا وجود للمسيحي حتى؛ في الواقع لا تحثّنا الفضيلة المسيحية على فعل الخير وحسب وإنما على احتمال الشرور أيضًا على مثال يسوع. واحتمال الشرِّ لا يعني الصبر والمضي قدمًا باستسلام، بل يعني التشبّه بيسوع: أي حمل الثقل على أكتافنا من أجله ومن أجل الآخرين. إنّه قبول الصليب والمضي قدمًا واثقين أننا لسنا وحدنا بل الرب المصلوب والقائم من الموت هو معنا. وبالتالي يمكننا أن نقول مع القديس بولس: "يُضَيَّقُ علَينا مِن كُلِّ جِهَةٍ ولا نُحَطَّم، نَقَعُ في المآزِقِ ولا نَعجِزُ عنِ الخُروج مِنها، نُطارَدُ ولا نُدرَك، نُصرَعُ ولا نَهلِك".

الإحتمال، تابع الأب الأقدس يقول، هو أن نعرف كيف ننتصر مع يسوع وعلى طريقته وليس على طريقة العالم. لذلك يعتبر بولس نفسه فائزًا يستعدُّ لنوال الإكليل ويكتب: "جاهَدتُ جِهادًا حَسَنًا وأَتمَمْتُ شَوطي وحافَظتُ على الإِيمان". إن التصرّف الوحيد لجهاده الحسن هو العيش من أجل يسوع والآخرين. لقد عاش "راكضًا" أي بدون أن يوفِّر نفسه، ويقول أنّه حافظ على شيء واحد: الإيمان أي الاعتراف بالمسيح. محبّةً به عاش المِحن والإهانات والآلام وقبلها. وفي سرِّ الألم الذي يعاش في سبيل المحبّة، في هذا السرِّ الذي يجسِّده اليوم العديد من الإخوة المُضطهدين، تسطع القوّة المخلِّصة لصليب يسوع.

أما الكلمة الثالثة، أضاف الأب الأقدس يقول فهي الصلاة. إن حياة الرسول التي تنبع من الاعتراف وتزهر في التضحية تفيض يوميًّا بالصلاة. الصلاة هي الماء الضروري الذي يغذّي الرجاء وينمّي الثقة. إنَّ الصلاة تجعلنا نشعر بأننا محبوبون وتسمح لنا أن نحب بدورنا. تجعلنا نمضي قدمًا في الأوقات المظلمة لأنّها تشعل نور الله. إن الصلاة هي التي تعضدنا في الكنيسة وتجعلنا نتخطّى المحن. نرى هذا الأمر أيضًا في القراءة الأولى: "كانَ بُطرُسُ مَحفوظًا في السِّجْن، ولكِنَّ الصَّلاةَ كانت تَرتَفِعُ مِنَ الكَنيسةِ إِلى اللهِ بِلا انقِطاعٍ مِن أَجلِه". إن الكنيسة التي تصلّي يحفظها الرب ويرافقها في مسيرتها. الصلاة هي القوَّة التي تجمعنا وتعضدنا؛ والعلاج ضدَّ العزلة والاكتفاء الذاتي اللذين يقودان إلى الموت الروحي، لأنَّ روح الحياة لا يهبُّ إن لم نصلِّ وبدون الصلاة لا تنفتح السجون الداخليّة التي تحبسنا.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول إن الرب يتدخّل عندما نصلّي، فهو أمين للمحبّة التي اعترفنا بها له وقريب منا عند المِحن. لقد رافق مسيرة الرسل وسيرافقكم أنتم أيضًا أيها الإخوة الكرادلة الأعزاء المجتمعين اليوم هنا في محبّة الرسل الذين اعترفوا بإيمانهم بالدم. وسيكون قريبًا منكم أنتم أيضًا أيها الإخوة الأساقفة إذ تنالون درع التثبيت فتثبتون في حياتكم في سبيل القطيع متشبّهين بالراعي الصالح الذي يعضدكم ويحملكم على كتفيه. 








All the contents on this site are copyrighted ©.