2017-09-14 15:12:00

البابا فرنسيس: يسوع قد نزل من السماء ليُصعِدنا جميعًا إلى السماء، هذا هو سرُّ الصليب!


ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الخميس القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بمناسبة عيد الصليب المقدّس وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة حذّر من خلالها المؤمنين من تجربتين روحيّتين نتعرّض لهما أمام صليب المسيح: الأولى أن نفكّر بالمسيح بدون الصليب، أي أن نحوِّله إلى مجرّد معلّم روحي، والثانية أن نفكّر بالصليب بدون المسيح أي أن نكون بلا رجاء وهذا نوع من "المازوخيّة" الروحيّة.

تمحورت عظة الأب الأقدس حول سرّ المحبّة القائم على الصليب، والذي تحدّثنا عنه الليتورجيّة اليوم كشجرة نبيلة وأمينة، وسلّط البابا الضوء فيها على عدم تمكننا من فهم الصليب دائمًا وقال وحده التأمل يساعدنا لنمضي قدمًا في سرّ المحبّة هذا. ويذكّرنا الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجية اليوم من القديس يوحنا أنّه عندما أراد يسوع أن يشرح هذا السرَّ لنيقوديموس استعمل فعلين "صعد" و"نزل"، ويسوع قد نزل من السماء ليُصعِدنا جميعًا إلى السماء، هذا هو سرُّ الصليب. ويشرحه لنا القديس بولس في الرسالة التي تقدّمها لنا الليتورجية اليوم من الرسالة إلى أهل فيليبي إذ يقول إنّ يسوع قد "وضَعَ نَفْسَه وأَطاعَ حَتَّى المَوت مَوتِ الصَّليب".

تابع الحبر الأعظم يقول هذا هو نزول يسوع: حتى الأسفل والإذلال، أفرغ ذاته محبّة بنا ولذلك رفعه الله إلى العلى وأصعده. وبالتالي إن فهمنا هذا النزول حتى النهاية يمكننا عندها أن نفهم الخلاص الذي يقدّمه لنا سرُّ المحبّة هذا. ليس أمرًا سهلاً، أضاف البابا فرنسيس مؤكِّدًا، لأنَّ هناك على الدوام تجارب اعتبار نصف واحد فقط وليس الآخر. ولذلك قال القديس بولس كلمة قاسية لأهل غلاطية عندما استسلموا لتجربة الدخول في سرّ المحبّة هذا وسعوا كي يشرحوه؛ فكما أغوت الحيّة حواء وسمّمت بني إسرائيل في الصحراء؛ هكذا أغواهم أيضًا وَهمُ مسيح بلا صليب أو صليب بلا مسيح. هاتان هما التجربتان التي توقّف عندهما البابا فرنسيس: الأولى أن نفكّر بالمسيح بدون الصليب، أي أن نحوِّله إلى مجرّد معلّم روحي يساعدنا لنسير قدمًا بسلام. لكنَّ المسيح بدون صليب ليس الرب وإنما مجرّد معلِّم، وهذا ما كان يبحث عنه نيقوديموس بدون أن يعرف. إنّها إحدى التجارب: نعم يسوع معلّم صالح ولكن بدون صليب؛ ويقول القديس بولس صارخًا: "مَنِ الَّذي فَتَنَكُم، أَنتُمُ الَّذينَ عُرِضَت أَمامَ أَعيُنِهِم صُورةُ يَسوعَ المسيحِ المَصْلوب؟". أما التجربة الثانية فهي الصليب بدون المسيح والتي تجعلنا نرزح تحث ثقل الخطيئة بدون رجاء. إنّه نوع من "المازوخيّة" الروحيّة.

ولكن، خلُص البابا فرنسيس إلى القول، الصليب هو سرُّ محبّة، الصليب أمين ونبيل. وبالتالي يمكننا اليوم أن نأخذ بضعة دقائق ليسأل كل فرد منا نفسه: "هل يشكل المسيح المصلوب سرَّ محبّة بالنسبة لي؟"، "هل أتبع يسوع بدون الصليب، أي كمجرّد معلِّم روحي يملأ نفسي بالتعزية والنصائح الصالحة؟ أم أنني أتبع الصليب بدون يسوع وأتذمّر طيلة النهار؟"؛ "هل أسمح لسرّ انحناء الرب وإخلاء ذاته أن يرفعني؟" ليمنحنا الرب نعمة أن ندخل في سرِّ المحبة هذا لنفهم بعدها كل شيء بواسطة القلب والعقل والجسد.    








All the contents on this site are copyrighted ©.