2017-12-02 14:07:00

رسالة البابا للمشاركين في لقاء الكاثوليك الملتزمين في السياسة لخدمة شعوب أمريكا اللاتينيّة


بمناسبة لقاء الكاثوليك الملتزمين في السياسة لخدمة شعوب أمريكا اللاتينيّة الذي يُعقد في بوغوتا في كولومبيا من الأوّل وحتى الثالث من كانون الأول ديسمبر الجاري وجّه قداسة البابا فرنسيس رسالة فيديو قال فيها منذ البابا بيوس الثاني عشر حتى اليوم، أشار جميع الباباوات إلى السياسة كـ "أسمى أشكال المحبّة"، كما يمكن ترجمتها إلى خدمة لا تُقدَّر في التفاني لتحقيق الخير العام للمجتمع.

تابع البابا فرنسيس يقول السياسة هي قبل كلِّ شيء خدمة، ويمكننا أن نؤكِّد أن خدمة يسوع – الذي جاء ليَخدُم ولا ليُخدَم – هي الخدمة التي يطلبها الرب من رسله وتلاميذه وهي نوع الخدمة التي تُطلب من السياسيين أيضًا. إنها خدمة تضحية وتفاني، لدرجة اعتبار السياسيين أحيانًا "شهداء" في سبيل الخير العام لبلدانهم. إن المرجعيّة الأساسيّة لهذه الخدمة، التي تتطلَّب مثابرة والتزامًا وحكمة، هي الخير العام الذي بدونه لا تتحقق حقوق وطموحات الأشخاص والعائلات والمجموعات الوسيطة بسبب غياب الفسحة المنظمة والمدنيّة التي نعيش ونعمل فيها.

أضاف الأب الأقدس يقول من الواضح أنّه لا يجب أن نوازن الخدمة بالسلطة، لكن ينبغي على السلطة أن ترتبط بالخدمة لكي لا تنحل وتنهار. يعلّمنا المجمع الفاتيكاني الثاني: "لأجل تأسيس حياة سياسية إنسانية حقاً، ما من شيء أهم من تعزيز المعنى الداخلي للعدالة والمحبّة وخدمة الخير العام، وتقوية القناعات الأساسيّة حول طبيعة الجماعة السياسية الحقيقيّة وحول غاية السلطة العامة وحسن ممارستها وحدودها" (فرح ورجاء، عدد 73). كونوا متأكِّدين أنَّ الكنيسة الكاثوليكيّة "تعتبر من جهتها إعتباراً جليلاً، وتقدّر تمام التقدير، نشاط الذين يتكرَّسون للخير العام ويأخذون على عاتقهم ثقل مسؤولياتهم" (فرح ورجاء، عدد 75).

تابع البابا فرنسيس يقول وبالتالي يظهر بوضوح أننا بحاجة لمسؤولين سياسيين يعيشون بشغف خدمتهم لشعوبهم، تُحرِّكهم أخلاقهم وثقافتهم ويتضامنون مع آلامهم ورجائهم، سياسيّون يفضِّلون الخير العام على مصالحهم الشخصيّة ويكونون منفتحين على الإصغاء والتعلُّم في الحوار الديمقراطي ويدمجون البحث عن العدالة بالرحمة والمصالحة. ما أحوجنا اليوم في أمريكا اللاتينيّة لسياسة صالحة وشريفة ولروادها! ألا ينبغي علينا أن نواجه مشاكل وتحديات كبيرة؟ أولاً حماية عطيّة الحياة في جميع مراحلها. تحتاج أمريكا اللاتينيّة أيضًا لنمو صناعي بالإضافة إلى سياسات تواجه مأساة الفقر وتهدف إلى المساواة والإدماج. كما ينبغي تعزيز النسيج العائلي والاجتماعي وثقافة لقاء تعزز الروابط الأساسيّة للإنسانيّة والحياة الاجتماعيّة ووضع أساسات ثابتة لصداقة اجتماعيّة تترك خلفها مفاريص الفردانيّة والانتظام والاستغلال.

لذلك أضاف الأب الأقدس يقول أردت أن أختار كموضوع للجمعيّة العامة السابقة للجنة الحبريّة لأمريكا اللاتينيّة "إلتزام العلمانيين الكاثوليك في الحياة العامة لبلدان أمريكا اللاتينيّة"، وقد وجّهت رسالة إلى رئيس هذه اللجنة الكاردينال مارك أوليه حذّرت فيها مرّة أخرى من خطر الإكليروسيّة وطرحت السؤال: "ماذا يعني لنا نحن الرعاة واقع أن يعمل العلمانيون في الحياة العامة؟" يعني أن نبحث عن الأسلوب لتشجيع ومرافقة وحث جميع المحاولات والجهود التي يتمُّ القيام بها للحفاظ على شعلة الرجاء والإيمان حيّة لاسيما للأشدَّ فقرًا ومعهم. يعني أن نلتزم كرعاة وسط شعبنا ومع شعبنا ونعضد إيمانه ورجاءه.

ومضى البابا إلى القول من الأهميّة بمكان ألا يقف العلمانيون الكاثوليك غير مبالين أمام الأمور العامة وألا ينغلقوا في ذواتهم منتظرين التوجيهات الكنسيّة ليكافحوا لصالح العدالة وأساليب حياة أكثر إنسانيّة للجميع. وبالتالي لا يجب على الراعي أن يقرّر أو يقول للعلماني ماذا يجب عليه أن يفعل أو يقول، ولا يجب على الراعي أيضًا أن يحدد ما يجب على المؤمنين أن يقولوه في بيئات محدّدة. سيفيدنا كرعاة أن نسأل أنفسنا كيف نحث على المحبّة الأخويّة والرغبة بالخير والحقيقة والعدالة ونعززها؛ سيفيدنا أن نصغي باهتمام إلى الخبرات والتأمّلات والاهتمامات التي يمكن أن يتقاسمها معنا العلمانيون الذين يعيشون إيمانهم في مختلف مجالات الحياة الاجتماعيّة والسياسيّة.

وختم البابا فرنسيس رسالته بالقول إن حواركم الصادق في هذا اللقاء لمهمٌّ جدًّا. تكلّموا بحريّة، وليكن حوار بين كاثوليك، كهنة وسياسيين، تكونُ فيه الشركة بين الأشخاص الذين يعلنون الإيمان عينه أكثر حزمًا من تناقضات الخيارات السياسيّة. فنتمكّن هكذا من أن نستخرج من حواركم عناصر منيرة وموجِّهة لرسالة الكنيسة في العالم الحالي. 








All the contents on this site are copyrighted ©.