2018-02-02 13:52:00

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


لمَّا حانَ يَومُ طُهورِ أَبَوَيّ يسوع بِحَسَبِ شَريعَةِ موسى، صَعِدا بِه إِلى أُورَشَليم لِيُقَرِّباه لِلرَّبّ، كما كُتِبَ في شَريعةِ الرَّبِّ مِن أَنَّ كُلَّ بِكرٍ ذَكَرٍ يُنذَرُ لِلرَّبّ، ولِيُقَرِّبا كما وَرَدَ في شَريعَةِ الرَّبّ: زَوْجَيْ يَمَامٍ أَو فَرخَيْ حَمام. وكانَ في أُورَشَليمَ رَجُلٌ بارٌّ تَقيٌّ اسمُه سِمعان، يَنتَظرُ الفَرَجَ لإِسرائيل، والرُّوحُ القُدُسُ نازِلٌ علَيه. وكانَ الرُّوحُ القُدُسُ قد أَوحى إِلَيه أَنَّه لا يَرى الموتَ قَبلَ أَن يُعايِنَ مَسيحَ الرَّبّ. فأَتى الـهَيكَلَ بِدافِعٍ مِنَ الرُّوح. ولـمّا دَخَلَ بِالطِّفلِ يَسوعَ أَبَواه، لِيُؤَدِّيا عَنهُ ما تَفرِضُه الشَّريعَة، حَمَله عَلى ذِراعَيهِ وَبارَكَ اللهَ فقال: "الآنَ تُطلِقُ، يا سَيِّد، عَبدَكَ بِسَلام، وَفْقًا لِقَوْلِكَ فقَد رَأَت عَينايَ خلاصَكَ الَّذي أَعدَدَته في سبيلِ الشُّعوبِ كُلِّها نُورًا يَتَجَلَّى لِلوَثَنِيِّين ومَجدًا لِشَعْبِكَ إِسرائيل". وكانَ أَبوه وأُمُّهُ يَعجَبانِ مِمَّا يُقالُ فيه. وبارَكَهما سِمعان، ثُمَّ قالَ لِمَريَمَ أُمِّه: "ها إِنَّه جُعِلَ لِسقُوطِ كَثيرٍ مِنَ النَّاس وقِيامِ كَثيرٍ مِنهُم في إِسرائيل وآيَةً مُعَرَّضةً لِلرَّفْض. وأَنتِ سيَنفُذُ سَيفٌ في نَفْسِكِ لِتَنكَشِفَ الأَفكارُ عَن قُلوبٍ كثيرة". وكانَت هُناكَ نَبِيَّةٌ هيَ حَنَّةُ ابنَةُ فانوئيل مِن سِبْطِ آشِر، طاعِنَةٌ في السِّنّ، عاشَت مَعَ زَوجِها سَبعَ سَنَواتٍ ثُمَّ بَقِيَت أَرمَلَةً فَبَلَغَتِ الرَّابِعَةَ والثَّمانينَ مِن عُمرِها، لا تُفارِقُ الهَيكَل، مُتَعَبِّدَةً بِالصَّومِ والصَّلاةِ لَيلَ نَهار. فحَضَرَت في تِلكَ السَّاعَة، وأَخَذَت تَحمَدُ الله، وتُحَدِّثُ بِأَمرِ الطِّفلِ كُلَّ مَن كانَ يَنتَظِرُ افتِداءَ أُورَشَليم. ولَمَّا أَتَمَّا جَميعَ ما تَفرِضُه شَريعَةُ الرَّبّ، رَجَعا إِلى الجَليل إِلى مَدينَتِهِما النَّاصِرة. وكانَ الطِّفْلُ يَتَرَعَرعُ ويَشتَدُّ مُمْتَلِئًا حِكمَة، وكانت نِعمةُ اللهِ علَيه (لوقا 2، 22- 40).

للتـأمل

في عيد اليوم، نتأمل الرب يسوع الذي يأخذه يوسف ومريم إلى الهيكل "ليقدماه للرب". في هذا المشهد الإنجيلي، يُكشف سر ابن العذراء، ابن الله المكرَّس، الذي دخل العالم ليعمل بمشيئته بأمانة. يشير إليه سمعان كـ "نور ينجلي للأمم"، ويعلن بكلمة نبوية تقدمته السامية إلى الله وانتصاره الأخير. إنه لقاء العهدين القديم والجديد. يسوع يدخل الهيكل القديم، هو هيكل الله الجديد: يأتي لزيارة شعبه، متمماً الامتثال للشريعة، ومفتتحاً أزمنة الخلاص الأخيرة. لقد دخل يسوع الهيكل طفلاً كغيره من الأطفال، الابن البكر لأبوين بسيطين. ووحدهما سمعان وحنة الطاعنان في السن إكتشفا الحدث العظيم. بإرشاد من الروح القدس، رأيا في الطفل تحقق انتظارهما وترقبهما الطويلين. كلاهما يتأملان نور الله الآتي لينير العالم، بنظراتهما النبوية المنفتحة على المستقبل، كإعلان المسيح: "نُورًا يَتَجَلَّى لِلوَثَنِيِّين ومَجدًا لِشَعْب إِسرائيل".

يشكل إنجيل اليوم أيضا أيقونة بليغة لبذل الذات التام لجميع الرجال والنساء المدعوين إلى القيام بذلك في الكنيسة والعالم، من خلال المشورات الإنجيلية، "المميزات الخاصة بيسوع الطاهر، الفقير والمطيع". من خلال تأمل الطفل يسوع، يدرك سمعان وحنة مصيره الذي سيكون الموت والقيامة من أجل خلاص كل الشعوب، ويعلنان هذا السر كخلاص شامل. الحياة المكرسة مدعوة إلى هذه الشهادة النبوية، ومرتبطة بموقفها المزدوج، التأملي والعملي. إن الذي يلتقي بيسوع حقًا لا يمكنه أن يبقى كما كان، لأنه التجدد الذي يجعل كل الأشياء جديدة وبالتالي فالذي يعيش هذا اللقاء يصبح شاهدًا ويجعل هذا اللقاء ممكنًا أيضًا للآخرين، ويصبح أيضًا مُعزِّزًا لثقافة اللقاء ويتجنّب المرجعيّة الذاتيّة التي تجعلنا ننغلق على ذواتنا. ينبغي على الرجال والنساء المكرسين أن يظهروا أولوية الله، ومحبة الإنجيل المطبق كأسلوب حياة والمعلن للفقراء والمهمشين في الأرض. وهكذا، فإن الحياة المكرسة، في عيشها اليومي على دروب البشرية، تظهر الإنجيل والملكوت الموجود والفعال.

تدعونا الكنيسة اليوم للمواظبة على الإصغاء إلى الكلمة، لأن كل حكمة في الحياة تنشأ عن كلمة الرب! ولنمعن النظر في الكلمة، من خلال القراءة الإلهية، لأن الحياة المكرسة "تولد من الإصغاء إلى كلمة الله وقبول الإنجيل كمعيار لها. لنتعلّم من عيد اليوم عيش الامتنان على اللقاء بيسوع وعلى عطية الدعوة للحياة المكرسة، ولنرفع صلاتنا من أجل جميع المكرسين والمكرسات الموجودين في شتى أنحاء العالم، ونكلهم إلى الطوباوية مريم العذراء قائلين: يا مريم، أم الكنيسة، نكل إليك الحياة المكرسة، لكي تنالي لها كمال النور الإلهي: لتعيش في الإصغاء إلى كلمة الله، في تواضع إتباع يسوع ابنك وربنا، في قبول زيارة الروح القدس، في الفرح اليومي لنشيد التمجيد ولتبنى الكنيسة بقداسة حياة هؤلاء أبنائك وبناتك، في وصية المحبة. آمين.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.