2018-03-09 17:41:00

البابا فرنسيس: لنسمح للحب أن يطهِّرنا لكي نتعرَّف على الحب الحقيقي


ترأس قداسة البابا فرنسيس، عصر الجمعة، رتبة التوبة في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان مفتتحاً مبادرة "24 ساعة للرب"، وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة استهلها بالقول: يا للفرح العظيم والتعزية اللذين تُقدِّمهما لنا كلمات القديس يوحنا التي سمعناها: إن المحبّة التي خصّنا بها الله جعلتنا نصبح أبناءه وعندما سنراه وجهًا لوجه سنكتشف أكثر فأكثر عظمة محبّته. وليس هذا وحسب وإنما محبّة الله هي على الدوام أكبر مما يمكننا تصوُّره وتمتدُّ أبعد من أي خطيئة يمكن لضميرنا أن يوبِّخنا عليها. إنها محبّة لا تعرف الحدود ولا تملك العوائق التي نضعها غالبًا أمام الأشخاص خوفًا من أن يأتوا ليسلبونا حريّتنا.

تابع الأب الأقدس يقول نعرف أنَّ حالة الخطيئة ينتج عنها البُعد عن الله، لأنَّ الخطيئة في الواقع هي أسلوب نبتعد بواسطته عنه، لكنَّ هذا الأمر لا يعني أنّه قد ابتعد عنا. إنَّ حالة الضعف والارتباك التي تضعنا فيها الخطيئة هي دافع إضافي لكي يبقى الله بقربنا. وبالتالي ينبغي على هذا اليقين أن يرافقنا دائمًا في الحياة، وكلمة الرسول هي تأكيد لكي يهدأ قلبنا ونتحلّى على الدوام بثقة ثابتة في محبّة الآب: "فإِذا وَبَّخَنا قَلبُنا فإِنَّ اللهَ أَكبَرُ مِن قَلبِنا". ونعمته لا تزال تعمل فينا لكي تعزِّز فينا الرجاء بأنَّنا لن نُحرَم أبدًا من محبّته بالرغم من أي خطيئة ارتكبناها ورفضنا بواسطتها حضوره في حياتنا.

أضاف الحبر الأعظم يقول إنَّ هذا الرجاء يدفعنا لنتيقَّن للتَّوهانِ الذي غالبًا ما يسيطر على حياتنا كما حصل مع بطرس في الرواية الإنجيليّة التي سمعناها: "فصاحَ الدِّيكُ عِندَئذٍ، فتَذَكَّرَ بُطرُسُ كَلِمَةَ يسوعَ إِذ قال: "قَبلَ أَن يَصيحَ الدِّيكُ تُنكِرُني ثَلاثَ مَرَّات"، فخرَجَ مِن ساحةِ الدَّار وبكى بُكاءً مُرّاً" (متى 26، 74- 75). إنَّ الإنجيلي واضح وبسيط، يبدو أن صياح الديك قد فاجأ رجلاً لا يزال مُضطربًا ولكنّه بعدها تذكّر كلمات يسوع وانكسر الحجاب، وبدأ بطرس يرى بين الدموع أنَّ الله يظهر في المسيح المضروب والمُهان الذي أنكره ولكنّه يتوجّه ليموت من أجله. وبالتالي يفهم بطرس الذي أراد أن يموت من أجل يسوع أنّه عليه أن يتركه يموت من أجله. لقد أراد بطرس أن يعلِّم معلِّمه ويسبقه ولكن يسوع هو الذي يذهب ليموت من أجل بطرس، وهذا ما لم يفهمه بطرس ولم يُرد فهمه.

تابع الأب الأقدس يقول يجد بطرس الآن نفسه أمام محبة الرب ويفهم أخيرًا أنّ الرب يحبّه ويطلب منه بأن يسمح له بأن يحبّه. لقد تنبّه بطرس أنّه قد رفض على الدوام أن يسمح ليسوع أن يحبّه وأنه رفض أن يسمح له بأن يخلِّصه بالكامل ولذلك لم يكن يريد أن يحبّه يسوع أبدًا. ما أصعب أن نسمح لأحد أن يحبَّنا حقًّا! نحن نريد دائمًا ألا يكون هناك أي شيء يربطنا بالامتنان لآخر، فيما نحن في الواقع مديونين لله بكلِّ شيء، لأن الله هو الأول وهو يخلَّصنا بالكامل وبمحبّة.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول لنطلب الآن من الرب نعمة أن يجعلنا نكتشف عظمة محبّته التي تمحو جميع خطايانا ولنسمح للحب أن يطهِّرنا لكي نتعرَّف على الحب الحقيقي!           








All the contents on this site are copyrighted ©.