2018-07-08 15:54:00

البابا فرنسيس: كل مسيحي مدعو إلى التعمق في الانتماء ليسوع وإنجيله والشهادة له


تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم صلاة التبشير الملائكي في ساحة القديس بطرس، وفي كلمته قبل الصلاة إلى الحجاج والمؤمنين توق عند إنجيل اليوم الذي يحدثنا فيه القديس مرقس عن يسوع في وطنه الناصرة (مر 6، 1-6)، حين عاد إلى الناصرة وأخذ يعلِّم السبت في المجمع. وذكّر البابا فرنسيس بأن يسوع ومنذ أن غادر الناصرة كان يعظ في القرى والبلدات القريبة ولم يعد إلى وطنه، وكان يُتوقع بالتالي أن تجتمع المدينة كلها للاستماع إلى ابن الشعب الذي ذاع صيته في الجليل، وما يتجاوزه، كمعلم حكيم وشافي. إلا أن ما كنن يُفترض أن يكون نجاحا، تابع البابا فرنسيس، تحول إلى رفض كبير حتى أن يسوع "لَم يَستَطِعْ أَن يُجرِيَ هُناكَ شَيْئاً مِنَ المُعجزات، سِوى أَنَّه وَضَعَ يَديَهِ على بَعضِ المَرْضى فَشَفاهم" (مر 6، 5). وذكّر البابا برد فعل أهل الناصرة الذين استمعوا إلى يسوع أولا ثم تساءلوا مندهشين ((مِن أَينَ له هذا؟ وما هذهِ الحِكمَةُ الَّتي أُعطِيَها حتَّى إِنَّ المُعجِزاتِ المُبِينَةَ تَجري عن يَديَه؟ (مر 6، 2) ثم أصبح لهم حجر عثرة حين تعرفوا فيه على النجار ابن مريم الذي شاهدوه يكبر (2-3). ثم تأتي إجابة يسوع التي أصبحت مثلا "لا يُزدَرى نَبِيٌّ إِلاَّ في وَطَنِهِ وأَقارِبِهِ وبَيتِه" (4).

وتوقف البابا فرنسيس للتأمل في تصرف أهل الناصرة أبناء مدينة يسوع، فقال إنهم قارنوا بين الأصل المتواضع ليسوع وما أصبح يملك من قدرات، فهو نجار، لم يتلق التعليم، لكنه يعلِّم أفضل من الكتبة ويصنع المعجزات. وتابع البابا فرنسيس إنهم، وبدلا من أن ينفتحوا على الواقع، يندهشون ويصبح هذا لهم حجر عثرة، فبالنسبة لأهل الناصرة الله أكبر من أن يتنازل ويتكلم من خلال شخص بسيط مثل يسوع. وواصل قداسته متحدثا بالتالي عن التجسد كحجر عثرة، هذا الحدث المحير، الله الذي صار جسدا، يفكر بعقل البشر، يعمل ويتصرف بيدَي إنسان، يحب بقلب إنسان، إله يتعب ويأكل وينام كواحد منا. تابع بالبابا فرنسيس إن ابن الله قد قلب التركيبات البشرية، فلم يكن التلاميذ مَن غسل قدمَي الرب، بل الرب هو الذي غسل أقدامهم (راجع يو 13، 1-20) وهذا حجر عثرة وسبب اندهاش في كل حقبة وحتى اليوم.

تحدث قداسة البابا بعد ذلك عن قلب يسوع للأمور هذا، والذي يفرض على تلاميذ أمس واليوم القيام بعملية مراجعة شخصية وجماعية. وأشار بالتالي إلى الأحكام المسبقة التي يمكن أن تكون لدينا اليوم أيضا وتعيق استقبالنا للواقع. الله يدعونا في المقابل إلى الإصغاء المتواضع والانتظار المطيع لأن نعمته غالبا ما تظهر لنا بشكل مثير للدهشة لا يتماشى مع توقعاتنا. وأراد الحبر الأعظم هنا إعطاء مثل فذكَّر بالأم تيريزا، تلك المرأة الصغيرة التي كانت تسير على الطرقات باحثة عن الموشكين على الموت لتمكنهم من أن يموتوا بشكل كريم، وتابع أن هذه الراهبة الصغيرة بالصلاة والعمل قد صنعت أمورا عظيمة وأن صغر هذه المرأة قد أحدث ثورة في أعمال المحبة في الكنيسة، وأضاف أن هذ مثَل من زمننا. ثم عاد إلى الحديث عن نعمة الله فقال إن الله لا يتشبه بالأحكام المسبقة، وعلينا بالتالي أن نبذل الجهد كي نفتح قلوبنا وعقولنا لاستقبال الواقع الإلهي الذي يقابلنا، ويعني هذا أن يكون لدينا إيمان. وشدد قداسته بالتالي على أن غياب الإيمان هو عقبة أمام نعمة الله، وتابع مشيرا إلى أن كثيرين من المعمَّدين يعيشون وكأن الله غير موجود، يكررون علامات الإيمان بدون أن يقابلها التصاق فعلي بيسوع وإنجيله. وأمام هذا فإن كل مسيحي، واصل قداسته، مدعو إلى التعمق في هذا الانتماء الأساسي ومحاولة الشهادة له بأسلوب حياة مترابط، محوره المحبة.

تضرع البابا فرنسيس بعد ذلك إلى الرب طالبا شفاعة مريم العذراء، كي يذيب تيبس القلوب وضيق الأذهان لنكون منفتحين على نعمته وحقيقته ورسالته، رسالة الطيبة والرحمة الموجهة إلى الجميع بدون أي استثناء.

وعقب تلاوة صلاة التبشير الملائكي أراد قداسة البابا فرنسيس تذكير المؤمنين والحجاج في ساحة القديس بطرس بلقائه أمس في مدينة باري مع بطاركة الكنائس في الشرق الأوسط وممثليهم، وذلك في يوم صلاة وتأمل من أجل السلام في هذه المنطق. ووجه الشكر لله على هذا اللقاء الذي كان علامة بيِّنة لوحدة المسيحيين، وأشار من جهة أخرى إلى المشاركة المتحمسة لشعب الله في هذا اليوم. جدد بعد ذلك الشكر إلى الأخوة قادة الكنائس في الشرق الأوسط وممثليهم وواصل مشيدا بأفعالهم وشهاداتهم، كما وجه شكره لرئيس أساقفة باري والمتعاونين معه وجميع المؤمنين الذين رافقونا ودعمونا بالصلاة والحضور الفرحِ حسب ما ذكر. ذكّر قداسة البابا أيضا بالاحتفال اليوم بأحد البحر المخصص للبحارة والصيادين، وأكد صلاته من أجلهم ومن أجل عائلاتهم والمرشدين والعاملين في الخدمة الرعوية لمن يعمل في البحر، حيا قداسته أيضا مَن يعملون من أجل تخليص البحار من التلوث. ثم خصص بالتحية الحجاج والمؤمنين القادمين من دول عديدة ومن مناطق إيطالية مختلفة، متمنيا للجميع أحدا سعيدا، راجيا منهم ألا ينسوا أن يصلوا من أجله.  








All the contents on this site are copyrighted ©.